للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحن (المعشوقة) (١) استلهاما مما جاء فيها.

من ألوان تخريجات الأمير فهمه لما روى عن الإمام الغزالي (ليس في الإمكان أبدع مما كان). وقد دار نقاش بين المتأخرين حول المقصود من هذه المقولة. وخاض فيها حمدان خوجة في كتابه (حكمة العارف). ولكن الأمير تناولها من وجهة نظر صوفية فقال إن فيها إشارة إلى معنى الآية: {ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}. فالآية تشير، حسب رأي الأمير، إلى (سر القدر المتحكم في المخلوقات الذي هو العلة. فقد أخبر الله (أنه أعطى كل شيء من العالم المخلوق في مرتبة وجوده الخارجي خلقه، أي استعداده الكلي الذاتي الغير مجهول ولا مخلوق الذي هو عليه في مرتبة ثبوته وعدمه. فإن كل ممكن له استعداد خاص، لا يشبه استعداد ممكن استعداد ممكن آخر. وبالاستعداد كانت الحجة البالغة لله - تعالى - على من أشقاه وابتلاه وأفقره ونحو هذا. فإن استعداده طالب لذلك. ولو أعطاه غيره على سبيل الفرض لرده، وما قبله لاستعداده ضده) (٢).

ومما يذكر أن الناشر للمواقف اعتمد على عدة نسخ. منها نسخة الأمير بخط يده. وقوبلت على نسخة جمال الدين القاسمي التي كانت بدار الكتب الظاهرية، ثم نسخة عبد الرزاق البيطار (وهو صديق الأمير وتلميذه) وكانت على هذه النسخة تعاليق بخط الأمير نفسه. ولكن عبارة (منقحة) التي وردت في طبعة دمشق، محيرة، لأن التنقيح لا يصح إلا على يد المؤلف نفسه. أما تصحيح الأخطاء ومقابلة النسخ والنصوص فهو ما يقوم عليه التحقيق للآثار القديمة. وقد استفدنا أيضا من المواقف أنها احتوت على مجموعة شعرية للأمير قد لا تكون مضمومة إلى الديوان، والغريب أن بعض شعره قد وقع فيه التصحيف لدرجة مهولة. وسنذكر ذلك في مكانه (٣). كما أن نثر الأمير في المواقف يختلف عن نثره في مؤلفاته الأخرى، كذكرى العاقل، ورسائله.


(١) نفس المصدر، ص ١٠ - ١١ انظرها في فصل الأدب.
(٢) (المواقف) ٣/ ١٣٦١.
(٣) انظر فصل الشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>