ولعل الإدارة نفسها هي التي وضعت هذا الأثر، وقد تكون الترجمة قام بها بعض الجزائريين. ولذلك لا نتوقف عنده طويلا (١).
٨ - إرشاد المتعلمين، لعبد القادر المجاوي، وهو رسالة صغيرة صدرت سنة ١٨٧٧، بالقاهرة. وقد أثارت ضجة عند ظهورها واتهم صاحبها من الفرنسيين وبعض الجزائريين بأنه يسيء إليهم. وربما تكون الرسالة قد طبعت بإيعاز ودعم من الأمير عبد القادر وأولاده، إذ بينهم مصاهرة مع المؤلف. والمهم أن المجاوي دعا إلى اليقظة وتعلم العلوم على اختلاف أنواعها وكذلك اللغات والملاءمة بين الدين والعلم، وكون الدين ينسجم مع العقل. وبعد العاصفة، هدأت الأمور عندما حبذ (آرنو) الرجل الغامض رئيس تحرير المبشر، آراء المجاوي، فاعتبر ذلك دعما من الإدارة لهذه الآراء. وكان المجاوي عندئذ في أولى مراحله في التعليم بقسنطينة. وقد قرظ الرسالة كاتبان أحدهما من الشام وهو حامد سليمان، وكان عندئذ يقيم في مصر، والآخر مصري وهو وهبي أفندي معلم اللغة الفرنسية عندئذ.
يقول المجاوي في أول رسالته:(أقول بعد البسملة ... أن من أشرف ما تميز به الإنسان على سائر الحيوان النطق، ولا نطق إلا بالعلم، كما لا علم بدون معلم. ولقد ساءني ما رأيت في هذا الزمان من فتور المعلمين والمتعلمين حتى أن أهل قطرنا ... قد تراكم عليهم الجهل). أما عن ترتيب الرسالة نفسها فيقول انه جعلها على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة. أما المقدمة ففي فضل العلم والتعلم. وأما الفصول: الأول في علوم اللسان، والثاني في علوم الأديان، والثالث في علوم الأبدان، والرابع في المعاش. وخصص الخاتمة لأمثال وحكم وآداب عامة. وقد أشاد باللغة العربية في الفصل الأول، وهو ما لم يكن يسر الفرنسيين على كل حال. كما أن الإشارة إلى شيوع الجهل بين السكان فيها دعوة إلى اليقظة من جهة وإدانة للإدارة الاستعمارية من جهة أخرى.