(حسب تعبيره) للشيطان، فتنصر منهم من تنصر انتهازية منهم من أجل منصب أو جاه، مثل حنوز، واعتنق منهم من اعتنق مذهب (البربرية) ومعاداة الإسلام مثل حسني لحمق وعمار نارون. واكتشف ابن نبي عالما آخر من خلال منتدى الوحدة المسيحية الذي اشترك فيه وأكل مع أصحابه وشاركهم في نشاطهم. وفي نفس الوقت كان على صلة بالطلبة المغاربة والمشارقة، وهم زعماء المستقبل في المنطقة سياسيا وفكريا. فهناك أحمد بن ميلاد والهادي نويرة وصالح بن يوسف والحبيب ثامر من تونس ومحمد الفاسي وأحمد بلا فريج من المغرب، ومن رفقائه الجزائريين الذين أثروا عليه حمودة بن الساعي الذي بفضله اهتم ابن نبي بدراسة الفلسفة والتاريخ وعلم الاجتماع. أما من المشارقة فقد عرف ابن نبي، فريد زين الدين وعبد اللطيف دراز. كما عرف الأمير شكيب أرسلان وأشاد بنشاطه.
وفي هذا الجو كان ابن نبي يتفاعل. كان يعتبر نفسه (ممثلا) لجمعية العلماء والتيار الإصلاحي رغم أن الجمعية لم تعينه ممثلا عنها وأرسلت بدلا عنه رجالها من نوع الفضيل الورثلاني والسعيد صالحي. وصعق ابن نبي عندما شاركت جمعية العلماء في المؤتمر الإسلامي (١٩٣٦)، وجاء وفد منها إلى فرنسا مع ابن جلول وفرحات عباس وابن الحاج. وذهب ابن نبي لزيارة وفد العلماء، وفيهم ابن باديس والعقبي والإبراهيمي، وسألهم باستغراب ماذا يفعلون هناك. وهم في نظره قد وقعوا في فخ السياسة الاستعمارية، وكان الأولى بهم البقاء في أماكنهم وبث رسالتهم في الشعب. كما انتقد ابن نبي نقدا لاذعا مصالي الحاج وتحدث عنه بسخرية مرة، ووصفه (بالزعيم)، لأن مصالي كان مهتما بالزعامة أكثر من اهتمامه بالحق الشرعي للشعب. وتطلع ابن نبي خلال الثلاثينات إلى الهجرة إلى المشرق، فحاول السعودية ومصر، ولكن جهوده باءت بالفشل، واعتقد أن (أيادي خفية)، بالإضافة إلى الجهل والتبعية، كانت وراء عدم حصوله على التأشيرة.
ومن الممكن القول بأن شخصية ابن نبي تكونت خلال العشرينات