والثلاثينات، تكونت في الجزائر في المدرسة الاستعمارية بتبسة وقسنطينة، وفي المدرسة الشعبية بأرياف آفلو وتبسة، وفي حارات قسنطينة والجزائر العربية. ثم تكونت في فرنسا من خلال مدرسة اللاسلكي والمشاركة في الأنشطة الطلابية والسياسية. وفي نفس الوقت جرت أبرز الأحداث التي تركت بصماتها على تفكيره خلال العقدين المذكورين: آثار الحرب الأولى، وسقوط الخلافة، والأزمة الاقتصادية الدولية، وظهور الفاشية والنازية، وميلاد الجبهة الشعبية، والمؤتمر الإسلامي الجزائري، وأخيرا الحرب العالمية الثانية. لم يقطع ابن نبي خلال الثلاثينات عن زيارة الجزائر، فقد كان يتردد عليها خلال الصيف. وفي إحدى الزيارات علم بوفاة والدته. ولكنه منذ ١٩٣٩، غادر الجزائر إلى فرنسا، ويبدو أنه لم يرجع إليها إلا بعد نهاية الحرب. ولا ندري تفاصيل حياته بين ١٩٣٩ - ١٩٤٦. ولكن من المؤكد أنه أقبل على البحث والتعمق في الكتب الإسلامية، وهو الجهد الذي ظهر أثره في كتابيه الظاهرة القرآنية وشروط النهضة.
قرأ ابن نبي كثيرا من الكتب. كان يبالغ في المطالعة في الكتب الأدبية والتاريخية والفكرية. وسواء كانت الكتب عن الإسلام وحضارته أو عن الفكر البشري عموما، فالرجل كان يلتهم الأفكار ويحتفظ بها لوقت الحاجة. وفي مذكراته نعلم أنه تأثر منذ صغره بمجموعة من المؤلفات. ومنها رسالة التوحيد للشيخ عبده، والإفلاس المعنوي للسياسة الغربية في الشرق، لأحمد رضا، وفي ظل الإسلام لايبر هاردت. ومنها كتب فرنسية وأوروبية وأمريكية عديدة، أمثال لوتي، وفارير، ولامرتين، وشاتوبريان من الفرنسيين، وجون ديوي الأمريكي، ولا شك أنه قرأ أيضا فرويد وماكس ويبر وريان وداروين. وقد ذكر أنه تأثر بطاغور الهندي، ولعله درس أيضا آثار محمد إقبال. ولكنه عب من التراث العربي الإسلامي كثيرا، وقد ظهر ذلك من مصادر كتبه الأولى. وفي نفس الوقت كان يقرأ جريدة الحزب الشيوعي الفرنسي (الإنسانية)، والكفاح الاجتماعي، والجرائد العربية سواء تلك التي تصدر من تونس أو من الجزائر، وكذلك جريدة (الأمة العربية) لشكيب أرسلان. وكما