المعركة، الذي قيل إنه جمع فيه مقالاته بين ١٩٤٦ - ١٩٥٤ في جريدة الجمهورية الجزائرية والشاب المسلم. وقد تعرضنا إلى كتبه في مكانها من الفصول. ويكننا أن نقول هنا فقط إن مصادر الظاهرة القرآنية تشير إلى عمق أفكاره الإسلامية وكثرة قراءته واستعداده لمعالجة موضوع هام كالإعجاز القرآني والنبوة والتوحيد بأسلوب تحليلي جديد على القارئ العربي المتعود عندئذ على سرد الحوادث وقلة النقد والأحكام المستعجلة والعامة. ومن أبرز ما جاء به ابن نبي في هذا الكتاب هو استخدامه التحليل النفسي في الموروث الديني.
أما شروط النهضة فقد بناه على تجاربه في قراءة التاريخ الإسلامي عموما وتاريخ المغرب العربي خصوصا. فقد تعرض فيه إلى مراحل التاريخ الزاهرة والباهتة، ثم ركز فيه أحكامه على التيار الوطني وما فيه من تفريعات، وله بالطبع أحكامه الخاصة عندئذ في المدرسة الإصلاحية ومدرستي حزب الشعب وحزب البيان. وقد رأينا مقالاته التي نشرها في جريدة الشاب المسلم فكانت تعكس تفكيره التقدمي والوطني الذي يسير في اتجاه جمعية العلماء، وهي التي كانت تصدر هذه الجريدة بالفرنسية لتقديم الفكر الإسلامي (السلفي) إلى الشباب المتعلم في المدارس الفرنسية.
إن لابن نبي نظرية خاصة به في مسيرة الحضارة الإنسانية، وقد خصها بعض الباحثين بدراسات شاملة ومقارنة مع نظريات أخرى قديمة ومعاصرة، مثل نظرية ابن خلدون ونظرية توينبي ونظرية شبنقلر. وابن نبي يؤمن بأن الخضارة تمر بدائرة وتعبرها عبورا جديا دائما، وكل حضارة تحافظ على نفسها باستجابة محددة من المتشابهات المتعاقبة وهذه المتشابهات تتألف من عناصر ثلاثة هي الإنسان والتراب والوقت. وكل مجتمع يمر حضاريا بمراحل ثلاثة هي قوة الدفع، وهي بالنسبة للحضارة الإسلامية عصر النبوة (فترة الحكم بالقرآن) والخلفاء الراشدين إلى معركة صفين. وشهدت المرحلة الثانية ازدهار الثقافة الإسلامية والحضارة، وهذه المرحلة قد استمرت، في نظره، إلى سقوط دولة الموحدين في المغرب العربي (القرن السابع الهجري)