للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاحتلال تحت شعار التجميل والتوسيع والمنافع العامة. ولولا حنكة ابن العربي وغضبة الجزائريين الذين تجمعوا في الجامع الجديد لنفذ الفرنسيون المشروع أو لوقعت ثورة لا يعرف أحد مداها (١). وقد ظلت مسألة هدم الجامعين تظهر وتختفي إلى أن حسم أمرها سنة ١٩٠٥ أثناء عهد جونار، وذلك بالإبقاء على الجامعين، رغم ما حل بهما من التشويه والهدم الجزئي.

والموقف السياسي الثاني الذي سجل لابن العربي هو ظهوره أمام لجنة فيرى سنة ١٨٩٢، وهي لجنة التحقيق في أوضاع الجزائر. وكان ظهوره أمامها عند حلولها بالعاصمة، ثم في باريس عندما توجه مع زميله محمد بن رحال إليها لتقديم مطالب الجزائريين في القضاء الإسلامي والحالة المدنية وقانون الأهالي والنيابة والتعليم العربي.

أما من حيث مهنة الطب فلا ندري سوى أنه كان يمارسها بالعاصمة. وأنه كان (حكيما) ناجحا ومحل ثقة مواطنيه. وقد قيل إن له كتابات، وهي فيما يبدو بالفرنسية. ولكننا لا ندري إن كانت في شؤون الحياة العامة وحقوق الجزائريين أو كانت في مهنة الطب وتطور البحث فيها. والغريب أن الذين تناولوا حياته بشيء من التفصيل ركزوا على مواقفه السياسية وأهملوا حياته المهنية. وكان ابن العربي يلبس اللباس التقليدي (الشاشية والعمامة والبرنس والسروال الواسع). وعندما كتب عنه ابن العابد سنة ١٩٢٧ قال إنه كان في منتهى الشيخوخة، ولكنه عاش أكثر من عشر سنوات بعد ذلك، إذ توفي خلال أكتوبر سنة ١٩٣٩ بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية (٦ رمضان ١٣٥٨) ولكنه لم يشهد هزيمة فرنسا. وقد ترك ابن العربي أبناء وأحفادا، منهم ابنه رشيد الذي بلغ ٧٣ سنة في عام ١٩٨٨، وحفيده سليمان الذي كان معلما للإنكليزية في إحدى المتوسطات بالعاصمة (٢).


(١) انظر الحادثة مفصلة في ابن العابد (تقويم الأخلاق) ص ٦٠ - ٦١. انظر كذلك فصل المعالم الإسلامية والأوقاف.
(٢) إسماعيل بولبنية (د. ابن العربي) في جريدة (أحداث الجزائر) ٨ - ١٤ سبتمبر ١٩٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>