للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكوبولاني (١). وقد كتبت جريدة (الأخبار) أن ابن مهنة قد تراجع عن انتقاد الحكومة، وأن موقفه كان يتعلق بالعقائد (الدين والأشراف) وليس بالسياسة، ولذلك أعادته السلطات الفرنسية إلى وظيفه (٢). وكان ذلك من تلاعب إدارة الشؤون الأهلية بأعيان المسلمين لترويضهم.

لا نريد هنا أن ندرس حياة عاشور ولا حياة ابن مهنة، بل سنكتفي بوصف كتاب (منار الإشراف) باعتباره من كتب الأنساب (٣). بدأه بمقدمة مسجعة وطويلة تدل على تمكن عاشور من اللغة والأدب التقليدي في ذلك الوقت الجدب. وكان قد تثقف في الخنقة ونفطة وكانت له موهبة قوية في الحفظ والاستيعاب. وقد أشاد في المقدمة بآل البيت، عصاتهم وظالميهم، وحييهم وبذيهم، وبرئيهم وجريمهم، وذكيهم وغبيهم. (على أن الإيمان وما يعلق به من الأوصاف معلق كتابا وسنة وإجماعا على القوةة في الأشراف). وذكر أن الكتاب (الديوان) يشتمل على خطبة وخاتمة بينهما خمسة تصانيف، وهي أربع قصائد في فضل عصاة الأشراف ومواليهم من الأطراف. كما ذكر أن الكتاب موجه للرد على ابن مهنة (عدو) الأشراف، حسب تعبيره. وقد وصفه بمختلف الأوصاف البذيئة، وأطلق عليه أسماء الزنادقة ونحوهم مثل مسيلمة الكذاب، وأبي جهل، وابن سلول، والغريب أنه اعترف بأن الذي أوعز إليه بالرد على ابن مهنة هو الشيخ محمد بن بلقاسم الهاملي (الشريف الحسني البوزيدي) حتى لا يقتدي ضعفاء العقول بابن مهنة.

وبعد خطبة الكتاب التي استغرقت ٥٢ صفحة، ذكر قصيدة (حسن الأمل) التي يسميها الكبرى، وقصيدة (كشف الخفاء) المختصرة من الأولى،


(١) ديبون وكوبولاني (الطرق الدينية) الجزائر، ١٨٩٧، ص ٢٤٨.
(٢) الأخبار، ١١ صفر ١٣٢٣ (١٦ أبريل، ١٩٠٥). تناولنا موضوع الهجاء الذي صدر عن عاشور في فصل الشعر. وقد هجا عاشور أيضا عبد القادر المجاوي وشبه درسه بالسوق. وسنتعرض إلى ذلك.
(٣) عاشور الخنقي (منار الإشراف)، الجزائر، ١٣٣٢ (١٩١٤). وقد درسنا هذا الديوان من الناحية الشعرية وحياة صاحبه في فصل الشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>