للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - كتاب الدوائر والزمالة وحركاتهم، وهو كتاب يجمع بين التاريخ والأنساب، ألفه أحد أعيان هذه القبائل المنخزنية الشهيرة وهو أحمد ولد قاضي، المعروف باشاغا فرندة، وقد أنقذ كتابه بنشره في المطبعة (١)، خلافا لبعض زملائه الذين ظلت كتبهم نهب الأيادي العابثة، كما ذكرنا. كان ولد القاضي من أعيان المخزن في غرب البلاد، وهو نفسه من قبائل الزمالة والدوائر، وكذلك المزاري مؤلف (طلوع سعد السعود). حكم ولد القاضي فرندة بلقب آغا، وكان له نفوذ واسع وسمعة في الناحية، ومع ذلك لم يحمه اللقب من غضب الفرنسيين عليه أحيانا وتوريطه في قضايا محلية معقدة، مثل قضية سيدي بلعباس (٢)، سنة ١٨٨١. وحين ذكره أوغسطين بيرك الذي عاش في نواحي تيهرت وتولى الشؤون الأهلية، أظهر الامتعاض من ذكر اسم ولد القاضي، ولكن الفرنسيين استفادوا من تحالفهم مع الزمالة والدوائر، وحفظوا لهم بعض المصالح، واستدعوا رجالهم إلى فرنسا لحضور المناسبات الهامة إظهارا لتعاطفهم، ومن هؤلاء ولد قاضي نفسه. وسنرى أنه اغتنم فرصة وجوده في باريس سنة ١٨٧٨ فكتب رحلة وقدم مطالب باسم الجزائريين تعتبر عندئذ مطالب جريئة (٣). والكتاب الذي أصدره ولد قاضي سنة ١٨٨٣ وأرخ فيه للدوائر والزمالة يعتبر تسجيلا لدورهم منذ الاحتلال ودورهم في التاريخ عموما باعتبارهم من الارستقراطية المخزنية المتنفذة. وفي الكتاب من على الفرنسيين وشكوى من حالة هذه القبائل بعد القوانين


(١) وهران، ١٨٨٣.
(٢) في ١٨٨١ اعتقل الفرنسيون بعض الأعيان بدعوى أنهم كانوا يعقدون اجتماعا سريا في الليل، ومن بينهم أحمد ولد القاضي. كان ذلك في نواحي سيدي بلعباس، وكان الفرنسيون متوترين من العلاقة بين أحداث تونس التي احتلوها في نفس السنة والمؤامرات في الجزائر ضدهم. انظر كريستلو (المحاكم)، ص ٢٣٥ - ٢٣٦. ويقول كريستلو إن ولد قاضي كان ضد تدخل الارستقراطية الدينية في الحكم والسياسة. وكان يريد الاستفادة منها فقط. ولذلك عادى المرابط الحاج البشير بن خليل مما تسبب في نفي هذا الشيخ وسجنه في كورسيكا سنوات طويلة، ص ٢٠١.
(٣) انظر فصل العرائض من الحركة الوطنية، ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>