ومن نتائج ثورة بوعمامة، حسب ما جاء في الشقراني، أن الفرنسيين قد أقاموا ضده التحصينات وملأوها بالجيوش والمدافع، وغزوا بعض المواطنين، وسفكوا دماءهم، وسبوا نساءهم وذراريهم (وأخذوا أموالهم وأمتعتهم وأخرجوهم من ديارهم). (وما جاء ذلك إلا بسببه) واتهم بوعمامة بحرق خصومه والتمثيل بهم خلافا للفرنسيين. وأخبرنا أن الدولة تنقطع بالظلم والجور، ولا تنقطع بالشرك والكفر. وحتى هدم الفرنسيين لضريح سيدي الشيخ ونبش قبره جعله الشقراني من نتائج ثورة بوعمامة، ولولاه لما فعل الفرنسيون ذلك بالضريح وعظامه (١). وكيف غفل بوعمامة عن عظمة فرنسا وجيوشها الجرارة وقطاراتها التي تجوب البلاد على قضبان الحديد، (بقدرة الله القدير) وهي التي تتراسل بالبرق أيضا في زمن قصير. فالشقراني هنا يبدو منبهرا بالتقدم العلمي والعسكري والصناعي الفرنسي. ولم يبق للجزائريين إلا الخوف من ذلك والاتعاظ والصبر.
أما بوعمامة فقوته في نظر الشقراني لا تتجاوز ٧٠٠ فارس، ثم إنه لم يحصل على البيعة الشرعية، فكيف يطيعه الناس؟ إنه مجرد ثائر متمرد كالثوار الذين سبقوا في العهد العثماني أو العهد الفرنسي، مثل عبد القادر بن الشريف الدرقاوي، ومحمد التجاني في العهد (التركي)، ومثل موسى الدرقاوي (بوحمار) في عهد الأمير. ثم ذكر الثوار الذين أشرنا إليهم (عبد الرحمن الطوطي الدرقاوي، وأبو سيف الخويدي، والأزرق الفليتي ...) الذين ثاروا ضد الفرنسيين، ولكنهم لم ينالوا سوى التعب، وقد عرضوا حياتهم وحياة أتباعهم للفناء، فهم جميعا من الذين جاء في الحديث أنهم الستون الكاذبون الذين يسبقون ظهور (المهدي). ونلاحظ أن الشقراني لم يذكر سوى ثوار الجهة الغربية. أما الزعماء الدينيون (المتصوفة)، فهم في نظر الشقراني (كسائر المسلمين ينتظرون الفرج وزوال الحرج، وانتظار الفرج واجب، والعسر لا يدوم على إحد).
(١) يفهم من ذلك أن الشقراني يلوم الفرنسيين على ما ارتكبوه من فظائع ولكن بصفة غير مباشرة، فهو يجعل بوعمامة هو السبب.