أن بعضهم قد فعل، ومنهم هوداس وشيربونو ودي سلان وبرينييه وكور. وقد اعتبروها ضرورية لبلادهم من الناحية السياسية والتجارية والعلمية. ونشروا منها نصوصا عديدة وترجموا من تراثها الكثير، ولا سيما فئة المستشرقين المتأخرين أمثال فانيان وباصيه وماسينيون. وقد استعانوا بمجموعة من الجزائريين في هذا المجال نذكر منهم محمد بن شنب والحفناوي بن الشيخ وعلي بن سماية ومحمود كحول (ابن دالي) وأبا يعلى الزواوي.
وعاشت العربية الفصحى أيضا، في المدارس الرسمية الثلاث التي بدأت تعمل، كما ذكرنا، سنة ١٨٥٠. ومرت بمراحل من حيث البرمجة: مرحلة التعريب الكامل، ومرحلة الفرنسة الجزئية (١٨٧٦)، ثم مرحلة ازدواجية البرنامج (العربي والفرنسي) بعد وضعها تحت إشراف مستشرقين فرنسيين منذ التسعينات من القرن الماضي. وكانت الدراسة بالفرنسية في المواد الفرنسية، كما أن الإدارة وطرق التعليم كانت أيضا فرنسية. ولذلك كانت اللغة العربية غريبة في المدارس الرسمية - في المرحلتين الأخيرتين - فهي كما قلنا تدرس كلغة أجنبية وكانت وسيلة تعليمها هي اللغة الفرنسية طبعا. وكذلك كان حال العربية في مدرسة ترشيح المعلمين أو في الثانويات الفرنسية.
ذكرنا أن الفصحى ظلت تقاوم في بعض الزوايا التي سمح لها بالنشاط التعليمي، مثل بعض زوايا زواوة، وزاوية الهامل، وزاوية طولقة. وكانت المساجد الرسمية قد حافظت أيضا على الفصحى إلى حد كبير من جهتين: الجهة الأولى هي الخطب الدينية، فهي على بساطتها وسذاجتها كانت بالعربية الفصحى أو المعربة، ومن ثمة تأتي العلاقة بين العربية والدين، مما جعل بعض الفرنسيين يشبه العربية باللاتينية في الكنائس ويحكم بأنها لغة ميتة كاللاتينية أيضا. والجهة الثانية هي بعض الدروس العامة. وقد كانت الدروس في أول الأمر مقتصرة على جمهور محدود من عامة الناس القريبين من المسجد وعلى موضوع محدود وهو الفقه. ولكن المدرسين كانوا، باستثناء عدد منهم، يستعملون اللغة القريبة من الفصحى بحكم النصوص التي ينقلون عنها وتأثرهم بالمدرسة التى تخرجوا منها. وكان هؤلاء المدرسون قد سمح