الشخصية الإسلامية. فهل استفاد ابن سديرة من هذا القانون وتجنس كما فعل أمثاله من المتعلمين عندئذ؟ إننا نرجح ذلك ونرجح أيضا أنه قد تزوج من فرنسية أو أروبية. ذلك أن أحد أبناء العائلة، ولعله ابنه، قد تسمى باسم شارل بن سديرة. وهو الاسم الذي كان يتسمى به أطفال الجزائريين المتجنسين (وكذلك لويس وجان الخ.).
ومهما كان الأمر فقد دخل ابن سديرة سلك التعليم وبرع فيه وأنتج الكتب التعليمية والقواميس. وذلك هو المنتظر من أمثاله. وكان له تلاميذ ومعارف. وكان هؤلاء يستنجدون به في إعانتهم على قضاء الحاجات. وكان بعضهم يذكره بالعلاقات السابقة. ويدل ذلك على شهرته خلال السبعينات والثمانينات أو بالأحرى على ارتباطاته بالفرنسيين، أو هكذا كان الناس يظنون فيه. وقد أورد هو في كتاب الرسائل نماذج من هذه المراسلات. ثم أصبح معاونا في محكمة الاستئناف بالعاصمة، وهو وظيف كان يتولاه رجال الدين والشريعة، أي أنه كان معاونا للقضاة الفرنسيين في شؤون القضاء الإسلامي بعد أن نزعت السلطات الفرنسية من القضاة المسلمين صلاحيات الحكم في المسائل التجارية والجنائية والمعاملات.
كما تولى ابن سديرة التدريس في المدرسة العليا للآداب، واختير عضوا في الجمعية الآسيوية بباريس. وهي الجمعية التي كانت تخدم الاستشراق الفرنسي عموما. وهذه الوظائف كانت تجلب إليه سمعة كبيرة وتجعله هدفا لطموح الطامحين في الوظائف أيضا. ومن ذلك رسالة وجهها إليه شيخ العرب في بسكرة، محمد الصغير بن قانة، سنة ١٨٧٥ يذكره بأنه بمثابة أبيه وأنه هو الذي رباه، وأن له عليه حقوق التربية. وكذلك مجموعة من الرسائل الموجهة إليه من أصحابه وتلاميذه بين ١٨٨٦ - ١٨٨٨، وكان بعضهم يطلب إليه التدخل لصالحه، وآخر يطلب منه مقابلة. ومن مراسليه الشيخ محمد السعيد بن زكري المدرس بالجامع الكبير بالعاصمة، سنة ١٨٨٩، ومحمد أرزقي بن أحمد من القرقور (سطيف) يطلب منه المعونة على