للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الثابت فهو أن الإبراهيمي قد وجد صديقه ابن باديس قد هيأ الجو النفسي في الشعب بنشر التعليم منذ ١٩١٤ وتخريج التلاميذ. ولكننا لا نعرف أن الإبراهيمي قد أسس مدرسة خلال العشرينات ولا واظب على محاضرات ودروس في مسجد معين. وأول لقاء معروف بينه وبين ابن باديس كان سنة ١٩٢٤ (١). وهو الاجتماع الذي كان في سطيف والذي وقع فيه نقاش حول تأسيس رابطة أو جمعية علمية، سماها الإبراهيمي جمعية الإخاء العلمي، وهي تسمية تذكرنا بجمعية الإخاء العربي التي كانت في المشرق تدعو إلى القومية العربية، وكان فيصل من أعضائها (وربما كان الإبراهيمي أيضا؟).

حدث ذلك اللقاء بين ابن باديس والإبراهيمي، ولكنه لم يسفر عن اتفاق لأن الفكرة لم تنضج بعد. وكان الجو السياسي أيضا غير مهيء، لأن السلطات الفرنسية قد نفت الأمير خالد سنة ١٩٢٣، وأخذت تتهيأ للاحتفال بالاحتلال من مركز القوة دون اعتبار لمشاعر الجزائريين. وعلى إثر ذلك الاحتفال ولدت جمعية العلماء المسلمين، وانتخب الإبراهيمي نائبا لرئيسها. وهو أول منصب بارز يتولاه منذ رجع إلى الجزائر. ثم ترقى الإبراهيمي في المسؤوليات فتولى الدعوة الإصلاحية في غرب البلاد، ومركزه تلمسان، منذ ١٩٣٢، ولعب دورا أساسيا في المؤتمر الإسلامي سنة ١٩٣٦، ثم في إنشاء دار الحديث بتلمسان والاحتفال بها سنة ١٩٣٧، وقد اعتقلته السلطات الفرنسية ونفته إلى آفلو (في وضع شبيه بنفي عاشور أيضا مع اختلاف الأسباب طبعا) سنة ١٩٤٠. ولكن الحلفاء أطلقوا سراحه أوائل سنة ١٩٤٣، وكان الإبراهيمي قد انتخب غيابيا رئيسا لجمعية العلماء خلفا لابن باديس الذي توفي في أبريل ١٩٤٠. وبعد حوادث ٨ مايو ١٩٤٥ اعتقل الإبراهيمي وسجن في سجن الكدية بقسنطينة ولم يطلق سراحه إلا بعد العفو العام سنة


(١) ذكر الإبراهيمي أنه أثناء رجوعه إلى الجزائر عبر تونس لقي بها ابن باديس، كما اجتمع به في قسنطينة وهو في طريقه إلى سطيف. انظر سيرته الذاتية (أنا) في مجلة مجمع اللغة العربية، القاهرة، عدد ٢١، ١٩٦٦، وانظر أيضا الجزء الخامس من آثاره.

<<  <  ج: ص:  >  >>