١٩٤٦. ومنذئذ تولى تسيير الجمعية وتحرير البصائر وقيادة الحركة العلمية بما فيها المدارس ومعهد ابن باديس. وفي فاتح ١٩٥٢ توجه الإبراهيمي إلى المشرق للدعوة إلى فتح معاهد الشرق في وجه تلاميذ الجمعية وجلب المساعدات المادية لها. وقد اندلعت ثورة نوفمبر وهو في المشرق فظل يدعو لدعم الثورة في العالم العربي والإسلامي إلى الاستقلال الوطني. وقد رجع إلى الجزائر سنة ١٩٦٣ (١).
لا يعنينا هنا نشاط الإبراهيمي في ميدان السياسة والإصلاح والصحافة، ولكن يعنينا دوره في اللغة والأدب. فقد كان أديبا فذا قلما أنجبت الجزائر مثله في العقود الأخيرة. وإذا اعتبرنا بالجو الثقافي الذي كان سائدا أثناء ميلاده وطفولته اعتبرناه (وحيد زمانه) كما يقول القدماء. وتمتع الإبراهيمي بحافظة نادرة، وحب للأدب العربي القديم. فنهل من حياضه ما شاءت نفسه وطموحه. حفظ دواوين الشعراء ومتون اللغة وخزائن الأدب والشواهد. ولذلك بهر المعاصرين في المشرق والمغرب بحفظه واستحضاره ذخائر التراث. وقد ظهر ذلك على لسانه وقلمه. لم يؤلف الكتب لأن وقته كان مكرسا، كما قال، لتكوين الرجال، وهم التلاميذ في الأدب والخطباء في النوادي، والأنصار في المجتمع. وحين أجبر على الإقامة في آفلو قضى وقته في نظم الأراجيز ووضع الأسجاع وتأليف القصص الغريبة مثل رسالة الضب، وكاهنة الأوراس، والأدباء الثلاثة. ولما رجعت البصائر سنة ١٩٤٧ تولى تحريرها وكتب فيها المقالات الطوال في شؤون الحياة والدين والسياسة، ولكن بعضها كان نماذج من الأدب الطلي الذي تكلف فيه الإبراهيمي وخرج
(١) توفي الإبراهيمي في مايو، سنة ١٩٦٥ بالجزائر. وترجمته متوفرة في عدة مصادر منها آثار الشيخ الإبراهيمي التي تضم مقالاته. وكتاب (في قلب المعركة)، الجزائر، ١٩٩٣. وقد ترجم هو لنفسه ونشرت الترجمة في عدة مطبوعات، منها (الثقافة) ومجلة المصور المصرية، وحديثه إلى مجلة جمعية الشباب المسلمين (مصر). انظر أيضا بحثنا عن الإبراهيمي، في الوثائق الإدارية، ١٩٣٢ - ١٩٤٠، في كتابنا أبحاث وآراء ج ٣.