للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونبدأ بالإشارة إلى مراسلات الأمير عبد القادر الكثيرة مع نابليون الثالث وغيره. ومن ذلك الرسالة التي بعث بها الأمير إلى المارشال كاستلان سنة ١٢٧٧ شاكرا له بعبارات ضافية مع التمنيات والثناء لنابليون بعبارات شرقية فخمة (وقد كتبت الرسالة على لسانه) (١). والمعروف أن الأمير راسل عدة قادة فرنسيين مجاملة أو طلبا للتدخل لصالح بعض أقاربه وأصدقائه في الوظيف وغيره. كما تدخل لصالح بعض الزعماء المسلمين مثل شامل الداغستاني؛ ونحن نعرف أنه كتب أيضا إليهم بمناسبة دخول ابنه محي الدين للجزائر سنة ١٨٧٠.

أما غير الأمير من القادة فقد تراسلوا أيضا مع المترجمين والأدباء والقادة الفرنسيين في أغراض مختلفة، بعضها للمجاملات، مثل رسائل محمد الشاذلي مع بواسونيه، وبعضها لطلب التدخل للتعيين في وظيف مثل رسالة محمد الصالح العنتري إلى شارل فيرو. وهناك رسائل من القاضي شعيب بن علي إلى القاضي الفرنسي زيس. وقد درسنا مراسلات محمد الشاذلي في كتابنا عنه، كما نشرنا رسالة العنتري إلى فيرو في غير هذا. ومن الصعب إحصاء هذا النوع من الرسائل، وقد نشر بلقاسم بن سديرة مجموعة من الرسائل التي دارت بين بعض أعيان الجزائر والمسؤولين الفرنسيين (٢). ولكن الطابع الأدبي يكاد يكون منعدما في أغلبها.

وقد عثرنا على مجموعة من المراسلات التي جرت بين عدد من علماء الدين والسلطات الفرنسية. وهي رسائل من المفروض فيها التفنن والتنميق الأدبي، لأنها صادرة عن مثقفين وموظفين بارزين. ولكن خاب ظننا، إذ وجدناها قد اتخذت طابع الأسلوب الإداري المحض: عبارات قصيرة مكتفية بالمرغوب والمطلوب، تطرح المشكلة مثل وفاة موظف أو سفره، وتقترح تعيين خليفة عنه من ثلاثة أشخاص. وهي عادة رسائل تبدأ بالتحية وعبارات


(١) نصها في المكتبة الوطنية - باريس، رقم ٧٠٣٨.
(٢) انظر ابن سديرة (كتاب الرسائل).

<<  <  ج: ص:  >  >>