للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجاملة، وتنتهي كذلك مع التوقيع والتاريخ. فهذا النوع من الرسائل رغم أنه صادر عن فئة العلماء ورجال الدين كان ديوانيا - إداريا جافا، لأن المخاطب، وهو الإدارة الفرنسية، لا يروق له الأسلوب الأدبي (الشرقي)، وربما تكون الإدارة قد أوصت بطريقة الكتابة مقدما، لأن كل رسالة كانت لا تقدم إليها إلا بعد ترجمة مرفقة يقوم بها أحد المترجمين المختصين (١).

ولم نطلع على رسائل لعلماء الجزائر بالعربية إلى السلطات الفرنسية في هذا القرن، لأن الجزائريين أصبحوا لا يقدمون عملا من هذا الصنف إلا مترجما إلى الفرنسية. ولا ندري الآن هل كانت خطابات جمعية العلماء وزعيمها ابن باديس، ترفع مباشرة إلى السلطات الفرنسية أو بعد ترجمتها إلى الفرنسية. أما البيانات والتصريحات والاحتجاجات الصادرة عن جمعية العلماء فقد كانت بالعربية الجيدة.

وسنقسم باقي الرسائل إلى رسائل اجتماعية وإخوانية، وهي تلك التي تبادلها بعض المتعلمين. وهناك نوع آخر من الرسائل تبادله جزائريون مع علماء وأدباء المغرب والمشرق. ورسائل النوع الأول تكون عادة خالية من التفنن والعبارات الأدبية وإنما هي تجري مجرى الخواطر والأشواق بين أفراد العائلة والسؤال عن الأحوال في عبارات بسيطة وموجزة.

ومن ذلك الرسائل التي بعث بها الشيخ محمد وعلي السحنوني من المدينة المنورة إلى ابن عمه محمد السعيد بالجزائر. ورغم أنها رسائل اجتماعية فإننا نستفيد منها أخبار الحجاج الجزائريين وسياسة فرنسا نحوهم، وأخبار الحجاز والطرق الصوفية. أما الأخبار الاجتماعية فمنها حالة الفقر التي كان محمد وعلي يعاني منها، وطلبه إرسال النقود إليه، وكذلك إرسال زوجة لعدم ارتياحه لنساء الحجاز (وقد أرسلت إليه امرأة من الجزائر وتزوج


(١) انظر عن ذلك (من رسائل علماء الجزائر في القرن الماضي) في كتابنا أبحاث وآراء، ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>