للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمنها فوائد تاريخية ولطائف علمية وإشارات إلى حوادث عظمى تتميز بها الأجيال والممالك في الماضي والحاضر. ونفهم من ذلك أن المؤلف قد ساقها في مجال العبر والاتعاظ. وها هو الديسي يقول بنفسه (بعد حمد ملهم الصواب، وكاشف الأوصاب، والصلاة الكاملة، المتواصلة الشاملة، على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه والفئة العالمة العاملة، فقد اقتضى الحال، أن يقع بين العلم والجهل مناظرة وجدال، فاجتمع قوم، وعينوا لذلك يوم. وقد شاخ وأسن، وأدركه الضعف والوهن، بادئ الإعواز، يتوكأ على عكاز ... وقال: يا جهل! ما أنت لخطابي بأهل ...) أما على لسان الجهل فقد قال مخاطبا: (يا قليل الجدوى، يا داعية الكبر والدعوى، أتفخر ببنيك الشعث الغبر، الذين ليس لهم، عند أهل الدنيا اعتبار ولا قدر ...) (١). وللديسي مقامات أخرى.

٤ - وفي سنة ١٩١٣ نشر فرنسيان مستعربان كانا مهتمين بالأدب الجزائري، وهما ج. ديلفان، والجنرال فور بيقي مجموعة من المجالس الأدبية أطلق عليها صاحها (المقامات العوالية). والمؤلف هو محمد بن علي بن الطاهر الجباري، وهو من قبيلة الجبارة في ناحية سعيدة الآن. وكان الجباري قد سكن وهران، وقيل إن أصله من بطيوة، وربما درس في المدارس القرآنية وبعض الزوايا قبل أن يلتحق بمدرسة تلمسان الفرنسية الرسمية لتخريج القضاة. وقد حكى ديلفان أن الجباري قد وصل إلى رتبة عالية في ميدان القضاء. ولكن عصره كان عصر حرب شعواء ضد القضاة والقضاء الإسلامي. ويبدو أنه توفي مغموما محروما بعيدا عن أهله وبلدته، رغم أن ديلفان يقول إنه سعى في تبديله لدى السلطات ولكن دون جدوى. ولم يترجم المستعربان الفرنسيان نص مقامات الجباري إلا بعد وفاته بسنوات


(١) تعريف الخلف، ٢/ ٤١٥. انظر عنه أيضا فصل التعليم في الزوايا. أشار عبد الله ركيبي أن لعمر بريهمات مقامة كتبها بمناسبة حضوره مؤتمرا في باريس سنة ١٨٩٧ وأنه قد نشرها في جريدة (المغرب) الجزائرية سنة ١٩٠٣ (دون تحديد العدد). وهي فيما يبدو مقامة أدبية انطباعية. انظر عبد الله ركيي، الأصالة عدد ١٣، ١٩٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>