للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجالس التي سمع أنها بلغت تسعة عشر، كما ذكرنا. طلب ذلك من المؤلف نفسه، وكان صديقا له، ولكن الموت عاجله، فلم يتم تحرير كل المجالس. وأقر ديلفان أنه حصل على اثنى عشر مجلسا. بصعوبة ومثابرة. وحرصا على هذه المجالس قدمها للنشر بعد ترجمتها والتعليق عليها، وقد قال إن المؤلف لم يكن في نيته أن يرى عمله مطبوعا ذات يوم (١).

اعتقد الجباري أنه من الأهمية وضع مدخل لمجالسه يطرح فيه نظريته في التغيير الذي أصاب اللغة العربية الفصحى في المغرب العربي من جراء تأثير البربرية، فما بالك بتأثير الفرنسية. ومما يذكر أنه أجرى الحديث على لسان بطل يسمى سي الحبيب بن عيسى العوالي، وهو أحد الجماعة في الدوار، وكان أيضا من الطلبة، قضى حوالي ثلاثين سنة من عمره في التعلم، لكنه بقي جاهلا ولم يكن يعرف سوى معلومات عامة، وكان لا يحسن حتى النطق بالإعراب والأدب في المجالس، ولم يكن هناك من يتعاطف مع هذا النوع من الطلبة. ولكن أهل الدوار احتفلوا به عند قدومه مع ذلك، لأن قدومه كان فقط فرصة لاستعادة الذكريات. وكان ابن عيسى العوالي بدينا بعد أن تقدمت به السن. ويبدو أن الجباري أراد المساهمة عندئذ في مهاجمة التعليم التقليدي - الزوايا والكتاتيب - لأنه تعليم في نظره عقيم، فالمرء يقضي سنوات طويلة ثم يخرج ولا يحفظ سوى القرآن عن ظهر قلب، ولا يحسن القراءة والكتابة والحساب، ولا يستطيع منافسة أنداده المتخرجين من المدارس الفرنسية رغم دراستهم القليلة. هذه الظاهرة النقدية انطلقت مع آخر القرن الماضي، وظهرت في عدة أعمال منها كتاب (أوضح الدلائل) لابن زكري وكتابات الزواوي.

وعنوان المقامات الكامل هو (كتاب المقامات العوالية في أخبار


(١) المدخل الذي كتبه ديلفان للمقامات أو المجالس يمتد من ص ٢٨٥ إلى ٢٩٢ في المجلة الآسيوية، ١٩١٣. وكم من مؤلفات وكتابات ضاعت باسم ذلك الشعور القاتل، وهو أن الكاتب الجزائري كان يعرف مسبقا أن جهده سيضيع لا محالة ولن يرى النور.

<<  <  ج: ص:  >  >>