العلالية) على اللغة المغربية (المغرابية؟). وهذه هي الفاتحة:(يقول عبيد الله القاهر الباري، محمد بن علي بن الطاهر الجباري. الحمد لله الذي هدانا للهداية، وأرشدنا للاستقامة، وملك أعنتنا فقهر، وعفا عن عباده الصالحين وتجاوز عن سيئات من زاغ منهم وغفر ... أما بعد، فإني لما سيقت بي الأقدار بجولات الأماكن، جعلت استقراري بمدينة بلاد (سان لوسيان)(١)، فوجدتها ذات قيمة سنية، موجودة بوطن الظليمة فصرت كمن جلس بين فرشين وتوسد مخدتين، فشرعت أهوى الخلطة مع بعض من طلبة نجع الغرابة، وأتقلب طورا مع بعض من عرش الزمالة، وأخرى أحاكي بها الظهرة والغابة، وقد طال ما بحثت عن إفادة بعض العلوم، فلم أجد مرشدا عليه والى من إليه يقوم، حتى خلت أن شجرة العلم لم يغرس ببلادهم، ونبذة الأدب لم يزرع بترابهم ... فما لبثت على ذلك إلا قليلا ... إذ بي وجدت ابن عيسى العوالي يتقلب بالأوصاف والأحوالي، فمرة يحضر مع الطلبة والجنائز، وطورا يقصد خطبة العجائز، وتارة يميل إلى مجالس العلامة (العلماء؟)، وأخرى يحضر مع كبار الجماعة، وساعة يأتي راكبا مع الميعاد، ويتخالى مع الأمراء والقياد ... بيد أنه مع تقلب أوصافه أن مع عرب البربر قوالا. فرميت النظر عليه، وتسببت في الخلطة إليه ... ثم إني امتزجت معه كما يمتزج الماء باللبن، وانطلقت بدواخله كالحكة في الجبن ... فلما رأيت من ارتكام ظلمات الجهل، وانقطاع الأدب بهذه الواسطة على الأصل، تذكرت ما سمعت عن بعض الثقة والأمان ... أن رياسة الرجال الصناديد من بلاد الشرق لما وصلوا لهذه الأوطان، وأمروا بفتح تلك المدن، بتعريب (؟) أصحاب هذه البلدان، بعد معاركتهم ومحاربتهم إياهم، أن يدخلوا في الإسلام طوعا ومحبة لأعلاهم.
(فلما عرفوا لذة لغتنا وفوائدها استعملوها، ومع أن كانوا يبعدونها من قواعدها وعن صافي أصلها واستأصلوها، فقد حصل لها بسبب إدخالها بعض
(١) وهي الدليمة، كما ذكرنا سابقا، وقد كتبها (الظليمة). والغرابة والزمالة من قبائل الغرب الجزائري الشهيرة.