للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألفاظ الملحونة، من لغاتهم المختلفة المثبونة، مثل الشلحة، والتمزيغية والتوارقية والوارقلية، اختلاف عجيب واتساع، ليس له يزيد الإشفاع، فبإضافة لغتهم إلى لغتنا لم يتركوا سائر ألفاظ اللسان المضبط، حتى صاروا العلماء لا يفهمون لها نمط مرتبط، لا سيما ناس الشرق الذين لم يسملوا (يصلوا) هنا، ولم يخالطوا المستعربة من أوطاننا، لأنهم لا يعثرون على هذه الألفاظ في سائر كتوبهم العظام).

(ولا يخفى أنه في بلاد الغرب كثير من فصحاء الكلام، منهم المؤرخون، والمداحون، والراويون، والشيوخ أرباب التلحين والقوالون. وأنهم الآن ليست لهم شهرة عند العامة ولا عند ناس الشرق ولا المجانبة ... فلما رأيت خبو هذا المنهاج ... تضجرت وتأملت وتنمرت ... ثم إني اتبعت الفكرة الهامدة وامحنت (امتحت) القريحة الهانية (١)، وعزمت لإتيان مرامه، اثنتا عشر مقامة (٢)، أتلو فيها جملة من الألفاظ المستعملة، في ناحية القبلة والظهرة، وفي نجوع التل والصحرة، عند ناس الديار وأهل الخيام، والبداوي والمدني والقرى والمقام ...).

ثم أخذ يتحدث عن المشائخ والطلبة، وعن الفلاحين وفلاحتهم، والصناع وصنائعهم. وتتضمن المقامات أحاجي مغاربية وانظاما (أشعارا) ومواعظ ووقائع. وقد جعل كل ذلك في شكل إملاءات على لسان ابن عيسى العوالي، وأسند روايتها إلى محمد بن العربي. وكان هدفه خدمة اللغة العربية الفصحى وتطريب قارئها. وأخبر أنه ألفها على شكل المقامات، وأن سلفه في ذلك هو بديع الزمان والحريري، وأنه قصد بذلك تنشيط الطلبة وتسليتهم (٣).


(١) يبدو لنا أن الكلمات المكتوبة خطأ ترجع إلى سوء فهم ديلفان لتخريج النص أو الخطأ المطبعي وليس إلى المؤلف.
(٢) سبق أن ذكر ديلفان أن المؤلف خطط لكتابة تسع عشرة مقامة.
(٣) المجلة الآسيوية، مرجع سابق، ص ٢٠٧ - ٢٩٣. المقصود بالواسطة هي بلاد الجزائر، والظهرة منطقة شاسعة جنوب مستغانم. والصحرة هي الصحراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>