للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هذا لا يعني أن الشعراء لم يستعملوا قوالب شعرية أخرى غير القصيدة. فقد كتب رمضان حمود نوعا من الشعر الحر أو المتحرر. واستعمل بعضهم القطع القصيرة، والتفعيلات المتعددة في القصيدة الواحدة، وكذلك تنوع القوافي. وقد ظل الموشح مستعملا عند عدد من الشعراء،. ومنهم القديم مثل مصطفى بن التهامي، ومنهم الجديد مثل محمد العيد، مرورا بعمر بن قدور. ولكن الموشح الجديد يلاحظ عليه القصر وحداثة اللغة. كما نجد عند شعرائنا حتى في المرحلة الثالثة من كان يخمس الشعر ومن كان يعارضه، ومن يشطره، ومن يلغزه، ومن يرجزه، الخ. وهكذا فإن (ملاعب) الشعراء القديمة على عهد الآرام والأطلال كانت مزدحمة في عهد السيارات وناطحات السحاب والتقنيات الجديدة وعصر الفضاء والأقمار الصناعية.

لقد ظهرت عدة دراسات تناولت الحركة الشعرية في الجزائر منذ ١٩١٩ - أي المرحلة الثالثة، أما المرحلة الأولى والثانية فغير مدروستين حسب علمنا. وليس من مهمة دراستنا هذه تسليط الضوء على كل ما كتب حول الشعر منذ ١٩١٩ ولا نقده. وإنما نذكر هنا أن عددا من الباحثين قد ركزوا جهودهم في عهد الاستقلال على كتابة أطروحاتهم الجامعية حول هذا الشعر. وقد تسابقوا في الميدان حتى لم يبق فيه ربما مكان لمتسابق. فتناولوا أفرادا من الشعراء، وأغراضا من الشعر، وربطوا بين ذلك والحالة السياسية والاجتماعية والعلاقة مع الحركة الأدبية في البلاد العربية. ومعظم الدراسات وجدت نفسها تعالج الشعر باعتباره نتاج الحركة الإصلاحية التي بعثت اللغة العربية وحررت العقول، وأسالت الأقلام، وأنشأت الجرائد والنوادي والمدارس. والشعر الديني نفسه قد تأثر بهذا الجو، فأصبح الشعراء يتنافسون في الدفاع عن بعض التيارات الدينية، ورغم ظهور الإصلاح فإن التيار الديني أو الصوفي بقي قويا، وله شعراؤه أيضا. وأحيانا كانت الخلافات بينهم تصل إلى حد المهاترات والسباب. ولكن هذا لا يمنع من القول إن الحركة الشعرية كانت من نتاج تطور اللغة العربية في المدارس ولا سيما بعد ظهور معاهد ابن باديس والكتانى والحياة.

<<  <  ج: ص:  >  >>