الجزائريين؟ إن المدرسة الفرنسية كانت مرتبطة بالإدارة الاستعمارية وبفكرة الهيمنة والتعالي، بل إن الشعراء كانوا أصواتا لهذه الإدارة المهيمنة. ونحن لا نجد عند هؤلاء الشعراء روح التسامي والإنسانية والعلاقات الروحية بين الشعوب، أو الإعجاب بالبربر والعرب وأخلاقهم العالية وشجاعتهم النادرة وإيثارهم الفذ. وإنما كان إعجابهم بالطبيعة وتسخير فرنسا. (الأهالي) لخدمتها.
وأقصى ما قاله العقيد قادشو، وهو يلقي محاضرة عن مجموعة (انطولوجيا) شعرية سنة ١٩٢٠، أنه يحب العرب ويحب البربر ويحترم الروح الإسلامية، ولكنه يعتقد أن السلالة التي ستعيش في الجزائر سوف لا تكون بربرية ولا حتى فرنكو - بربرية، وإنما ستكون سلالة فرنسية، وستنتج أعمالا تنسجم مع وسطها (الفرنسي؟). ان عنوان المجموعة هو (١٣ شاعرا جزائريا) - كذا جزائريا - ولكنها مع ذلك لا تضم إلا الشعراء الفرنسيين، لأن كلمة (الجزائري) هنا تعنيهم هم فقط. وقد قدم لها الأديب الذي ذاع صيته بين الحربين وهو روبير لاندو. ونوه المحاضر، العقيد (؟) قادشو، بالشاعر لاندو وبالشعراء الذين تغنوا بالجزائر، وهم طبعا من الفرنسيين. وجاء برأي شارل ماري لوفيفر الذي سبق ذكره (وكان مستشارا لوالي العاصمة) حين قال يجب تشجيع المحاولات الجزائرية (يعني الفرنسية) الآن على ضحالتها وضعفها لأنها ستصبح ذات يوم مزدهرة، وستمثل فنا بذاته ومتميزا في افريقية (١). اننا إذن في الزمن الذي عرف بعهد (مدرسة الجزائر) وهي التي اختفى فيها الأدب العربي والإسلامي كما اندمج فيها الإنسان الجزائري، في
(١) انظر المجلة الجغرافية للجزائر وشمال أفريقية SGAAN، ١٩٢٠، ص ٠٤ ٢ - ٢٣٣، مع نص المحاضرة التي ألقيت في ٣٠ ديسمبر ١٩٢٠. ومن الشعراء الذين ورد ذكرهم في المجموعة شارل كورتان المولود في البليدة سنة ١٨٨٥، وديلبيازو، الذي ولد في العاصمة، وراؤول جنيلا المولود أيضا في العاصمة، والسيدة أنيت قودان التي قيل انها تغنت بوهران، وادمون كوجون المولود أيضا في العاصمة وكذلك هيجل.