للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومفدي زكري وأحمد سحنون لم يكونوا يعرفون الفرنسية، وكذلك شعراء البربرية أمثال إسماعيل أزيكيو ومحمد بن محمد (محند أو محند). فهل بعد ذلك يمكن الحديث عن تأثر الشعر الجزائري بالشعراء الفرنسيين؟ ولا حديث بعد ذلك عن شعراء الزجل في البوادي والمناطق النائية.

ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المدخل أن بعض الشعراء لا نعرف من إنتاجهم شيئا الآن، وإنما أخبر الرواة عنهم أن لهم شعرا جيدا (١)، وأحيانا قالوا إن لهم دواوين في أيدي الناس، أو نحو ذلك من التعابير. وقد وقع للشعر ما وقع للنثر والمخطوطات، بعضه ضيعه أهله بالإهمال واليأس والتشرد، وبعضه ضاع منهم بالتلف والسرقة وعدم اهتمام الورثة، وكان الافتقار إلى الطبع والعجز المالي وعدم. المعرفة بأهمية الطباعة، كل ذلك ساهم في ضياع هذا الشعر. ولعل بعضهم كان يعتقد أن شعره لا يستحق الخلود بالتدوين والنشر. وكثيرا ما (تاب) الشعراء في آخر أعمارهم ورأوا أن أول علامات التوبة هو حرق شعرهم غير الديني. فكان الشعر ضحية كل هذه العوامل. ولذلك فإننا نستغرب من بقاء ما بقي منه أمام هذه الظروف، كما أننا سنجد صعوبة في الحكم على الشاعر من قصيدة أو مجموعة من بعض القطع. فنحن هنا لا ندرس دوادين ولكن قصائد ومقطوعات قاومت عوامل الفناء بنقل بعضهم أبياتا منها في مخطوطة له، أو نشر قصيدة للشاعر في إحدى الجرائد أو الكتب، وهكذا.

ولنضرب على ذلك مثالا، يقول محمد بيرم بعد زيارته لضريح الشيخ الثعالبي في العاصمة ولقائه مع خادم هذا الضريح، وهو علي بن الحاج موسى: وله (أشعار جيدة) (٢). أولا ما هي هذه الأشعار؟ وثانيا أين هي؟ ومن المتواتر، ثم من مصادر أخرى نعلم أن ابن الحاج موسى. كان من


(١) لا نستطيع الآن أن نحكم على تأثر شعر رمضان حمود وعبد الكريم العقون ومبارك جلواح والربيع بوشاشة بالشعر الفرنسي. كما أن الفرقد (سليمان بوجناح) كان يعرف الفرنسية، ولكنه غير معروف كشاعر.
(٢) محمد بيرم (صفوة الاعتبار) ٤/ ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>