للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند الله، بل جعلهم في مقامات فوق البشرية. وذلك ما جلب إليه النقمة من البعض واعتبر هو ذلك حسدا منهم له. ودخل معهم في مهاترات ماكان أغنى الجزائر عنها لو كانوا من العاقلين. وسنذكر ما حصل له من تقلبات ومحن نتيجة ذلك.

ونفهم من الترتيب والتقسيم السابق للديوان أنه لا يضم سوى قصيدتين خارج القسم الخاص بالأشراف. والواقع أن القصيدتين أيضا داخلتان في موضوع الشرف، فالأولى في مهاجمة ابن مهنة، دفاعا عنهم. والثانية في مدح شيخ يعتبره الشاعر أيضا من أهل الشرف. وليس ذلك كل شيء. ففي الديوان قصائد أخرى يبدو أنه أضافها إليه، وهي غير داخلة في الترتيب المذكور، ومنها: قصيدة في مدح القاضي عبد القادر بن زريق الذي احتضنه ووسع عليه عندما جفاه الناس في قسنطينة. وقصيدة في ملح وشكر الشيخ محمد السعيد بن زكري مفتي ومدرس العاصمة على تدخله لإطلاق سراحه بعد سبعة عشر عاما من السجن. وكان ابن زكرى يقول إنه من أشراف زواوة، فتكون القصيدة أيضا في موضوع الشرف.

ونلاحظ أن كل قصائد الديوان نظمت قبل ١٨٩٦ إلا قصيدة أبي التقى فهي سنة ١٩٠٩. وكان الشيخ عاشور قد ضاق به الحال، فاستنجد بالأحياء والأموات، وكان أبو التقى من الصالحين الذين استنجد بهم. أما مدح ابن زكري فنحن نعلم بالقرينة أنه بعد ١٩٠٩ ولعله سنة ١٩١١، حين أطلق سراحه. ولكن ليس ذلك هو كل شعر عاشور الخنقي.

فقد كان كثير الإنتاج واسع الاطلاع قوي الحافظة، وقد أورد في كتابه (منار الإشراف) أن له أشعارا أخرى بل ديوانا آخر. ولكن أين ذلك الآن؟ إن له ديوانا في ذم الشيخ عبد القادر المجاوي سماه (الديوان الباوي في هجو المجاوي) (١). وقد ذكر بعضهم أنه يقع في أكثر من ألف بيت. ولا نعلم سبب الخصومة بين الرجلين، ولكن المعروف أن المجاوي قد حل بقسنطينة


(١) محمد علي دبوز (نهضة) ١/ ٩١، ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>