حوالي ١٨٧٢ في الوقت الذي حل بها عاشور تقريبا. وأخذ المجاوي يدرس للطلبة في أحد المساجد، كما كان يفعل عاشور، ثم إن الفرنسيين عينوا المجاوي مدرسا في المدرسة الكتانية الرسمية التي كان مديرها محمد الشاذلي، ولم يعينوا عاشور. فهل هي الغيرة والحسد فقط؟ إن من مآخذ عاشور على المجاوي أن مجلس درسه كان محل السوق. ومع ذلك نجح المجاوي في تدريسه بقسنطينة وأخفق عاشور حين قاطعه الناس، كما ذكر هو. والجدير بالذكر أن محمد الشاذلي، مدير الكتانية خلال السبعينات كان أيضا من البوازيد الهلاليين، وهم قبيل عاشور، كما سنرى، وقبيل شيخه محمد بن بلقاسم الهاملي.
والديوان الثالث لعاشور الخنقي هو ما نظمه في هذا الشيخ، نعني محمد بن بلقاسم (البوزيدي) الهاملي. وقد سماه (ديوان مديح يشفى غلة القلب القريح) وقال إنه يشتمل على عدة قصائد كلها جمانات وجواهر وفرائد. وفيه القصائد الطوال. ومن هذه القصائد (الرحلة البدرية)، و (بانت سعاد) وأرجوزة سماها (غنية القلوب) وقصيدة (الشافية) وأخرى سماها (الصفاتية في أجوبة الإنكارات السماتية) و (سيوف الأصحاب على رقاب الأحزاب) و (المنفرجة الهاملية). وغيرها من القصائد الطوال والقصار، وقال إنها متفرقة في الأقطار أيدي سبإ. وقد وعد بأنه سيجمعها ويطبعها عن قريب. ولكن لم تظهر في كتاب وظلت في خزائن الخاصة، ولعلها في خزائن الزاوية الهاملية. ومنها ما يبلغ ٦٠٠ بيت.
وهكذا، فنحن أمام شعر غزير، قد يكون ثلاثة دواوين على الأقل، إذا اقتصرنا على ما ذكره هو وما نظمه قبل سجنه، بل إلى حوالي ١٩١٣. ولكن الشعر الذي لم يذكره ربما كثير أيضا، ونعقد أنه استمر في قرض الشعر بعد ١٩١٤، وكان قد دخل مرحلة أخرى في الدفاع عن الأشراف والصالحين حين هاجم الشيخ الطيب العقبي أيضا خلال العشرينات لأن العقبي تعرض لرجال الطرق الصوفية، وفهم عاشور وبعض الناس أنه كان ضد آل البيت وأهل الله.