للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعلم أن الشيخ محمد بن بلقاسم قد توفي سنة ١٨٩٧. وربما كان ذلك من سوء حظ عاشور، لأن الذين تولوا شؤون الزاوية بعد الشيخ لم يعترفوا له بما كان الشيخ يرتبه له، وربما لم يتذوقوا شعره كما كان يفعل الشيخ، وربما شعروا بالراحة والتخلص منه، سيما وأن من خصومه أيضا الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسي. وهو صاحب كلمة في الزاوية، وكان عالما قوي المعرفة وشاعرا بارزا أيضا، كما سنرى.

وأثناء سجنه الطويل عبثت الأيدي بشعر عاشور، وخشي عليه من الضياع والتحريف. وقد قال إنه كان ينوي جمعه وطبعه بين ١٨٩٥ - ١٨٩٦، ولكن ما حدث له أخره عن إنجاز رغبته. وتوجه الشك لخصومه الذين سماهم (عوج الأيدي وهوج الأصابع) ظانا بهم ظن السوء. وكان بالطبع يعني ابن مهنة وأنصاره، فقد اتهمهم بالزيادة والنقصان في شعره، ولذلك وجد شعره، بعد خروجه من السجن مشوها في عدة نسخ. فأخذ (يرقعه) - كما قال، فجمع القصائد المتفرقة (على أنني غير مكترث في ترقيعه بما وافق الأصل الفاسد أو خالفه، بموجب التباسه علي بكثرة المخالفة، ومطاولة الأجل المهول على العهد الأول). ونفهم من ذلك أنه وجد صعوبة في الحصول على الأصل أو في جعل المطبوع قريبا من الأصل. ومع ذلك أقدم على جمعه وطبعه إنقاذا له، وقد طلب من كل من لديه نسخة غير المطبوعة ألا يعتمد عليها (١).

ورغم أن المنار قد احتوى على قصيدة في مدح البوازيد، فإن هناك قصيدة أخرى له فيهم غير مذكورة في المنار، وهي القصيدة الدالية التي افتخر فيها أنه منهم وأن آل المقراني، وآل عثمان من البوازيد أيضا، وهي التي سماها (العقد الفريد في فضائل البوازيد)، وأولها:


(١) طبع منه ٥٠٠٠ نسخة، وهو عدد ضخم إذا عرفنا عدد القراء القليل عندئذ. وقال إنه تكلف الصرف على طبع الكتاب، فهل معنى ذلك أنه استدان أو استكتب الناس وطلب تبرعاتهم؟ وقد طلب ممن له نسخة قديمة من منار الإشراف أن يتلفها بالماء الطهور أو النار السريعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>