بهذا الوفد الذي ظن الشاعر أنه جاء يحمل السعادة والخير:
بشراكم يا بني الدهماء قد جاءكم ... وفد السعادة للاإقبال مفتاح
يطوفون الأرض كي يروا منافعها ... يسعون في الخير للأهالي نصاح
وهو في شعره لا يمدح فقط، ولكنه يشكو أيضا. وكان يطلب العيش الصافي ولكن ذلك غير ممكن لأن فرنسا (دولتنا) تقرب وتبعد، وتعامل الأهالي بالشدة واللين، وهو يعرض بها دون جرحها أو دون تعريض نفسه لغضبها بطريقة التورية. وهو لا يبالي باللغة إذا استقام له الوزن، فالشكوى تحولت إلى (شكوة)، والجناح - بضم الجيم وتخفيف النون - تحول إلى مشدد النون. ولا عليه بعد ذلك ما دام يجمع بين المدح والشكوى من حاله وحال مواطنيه:
همي من العيش ود ساغ مشربه ... ولم يشب صفوه كدر وأتراح
فإن دولتنا، والله ينصرها ... تبيحنا قربها حينا وتنزاح
كالأم تفطمنا حينا وترضعنا ... وما على فعلها في السر جناح
وفي ١٨٩٦ ألقى عمر بن بريهمات قصيدة أمام وفد فرنسي آخر عالي المستوى في مدينة الجزائر. وكانت المناسبة هي زيارة وزير التربية السيد كومبس، للمدرسة الثعالبية. وقد حضر الحفل أساتذة المدرسة وفيهم الشاعر المذكور والشيخ محمد السعيد بن زكرى والأيمة أحمد بن القبطان، وأمين قدور بن عبد الرحمن، والمستشرق هوداس، والطبيب محمد بن العربي الذي كان في نفس الوقت أحد أعضاء المجلس البلدي لمدينة الجزائر، بالإضافة إلى مدير المدرسة المستشرق ديلفان، ومحيي الدين الشريف الذي ألقى كلمة بالفرنسية نيابة عن رجال الدين، وكذلك علي الشريف، أول عضو جزائري في المجلس الأعلى للحكومة (١). وكان من بين الحاضرين أيضا الحاكم العام جول كامبون.
(١) عن علي الشريف ومحيي الدين الشريف. انظر فصل الترجمة.