للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الشاعر عمر بن بريهمات فقد ألقى قصيدته بعد أن حصل من الوزير كومبس على وسام الأكاديمية (التعليم)، وذلك أمام الوفد المذكور عندما جلس لتناول القهوة والحلوى العربية والاستماع إلى الموسيقى. وقد رحب الشاعر بالوزير وشكر الحاكم العام ومدح فرنسا. والغريب أنه سمى الاحتلال فتحا. وردد المعزوفة الفرنسية المعروفة، وهي أن الجزائر كانت مضطربة قبل استعمارها، وأن الناس كانوا يغزون بعضهم بعضا ويسفكون الدماء. وطلب من المواطنين مصافحة هذا الوفد وإكرامه لأنه من جنس الفرنسيين، وزاد عمر في المبالغة فقال انه يفدي أعضاء الوفد بالروح:

قطر الجزائر قم صافح موافيكا ... من أمة هي خير من يصافيكا

واصدع لهم ولها بالشكر إذ جلبت ... إليك كل نفيس لم يكن فيكا

وطالما كنت قبل الفتح مضطربا ... والسفك يسطو على أجيال ثاويكا

أعيان قوم هم الإفرنج أصلا وإن ... قلت الفرنسيس بالأرواح نفديكا (١)

ومما يذكر أن الوزير أجاب رجال الدين، الذين حضروا الحفلة أيضا، بأن فرنسا قد بنت مسجدا في باريس. وأجاب الوزير أيضا مدير المدرسة الذي شكا من ضيق المكان بأن فرنسا قد خصصت ميزانية لبناء مدرسة جديدة (وهي التي أصبحت تعرف بالثعالبية وافتتحت سنة ١٩٠٤)، كما ذكرنا. وقد جرت الحفلة في الوقت الذي أعطيت فيه الإشارة إلى التغيير في نظام التعليم نحو الجزائريين (٢).

إن الشعر السياسي لم يكن كله في الأشخاص والتملق لهم، بل كان فيه ما كان رائدا في مدح المنشآت العامة التي لها صدى سياسي. ففي ١٨٨٢ أنشأ أحد الفرنسيين، وهو بول ايتيان، جريدة بالعربية سماها (المنتخب) في مدينة قسنطينة. وكانت الجريدة نسخة مترجمة تقريبا من جريدة أخرى بالفرنسية تصدر في نفس المدينة. وكانت قد ظهرت بثوب مدافع عن الأهالي


(١) المبشر ١٨ إبريل ١٨٩٦، وهي في ٢٣ بيتا.
(٢) انظر فصل التعليم المزدوج.

<<  <  ج: ص:  >  >>