للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهب الوقت متى نجني المنى ... هل أباد اليأس جيش الأمل

وفي رأي ابن قدور أن العلماء المسلمين هم الذين أوصلوا العالم الإسلامي إلى ما هو عليه. ذلك أن الحضارة الإسلامية قد ازدهرت ثم ذوت، وأخذ الغرب منها ما ارتقى به. ولكن العلماء المسلمين لم يستقيظوا، وضعف دينهم وضميرهم فحللوا الحرام وحرموا الحلال. وقد بقي الشاعر متسائلا عن مصير الأمة الإسلامية، ويبدو أنه كان غير يائس، كما قلنا، فهو يقول عن العلماء:

كم حلال حرموا كم من حرا ... م أحلوا حين نالوا الذهبا

من ضمير القوم زيغ يشترى ... هل ضمير الوعظ عنهم ذهبا

أمة الإسلام عنها انسلخت ... روح مجد بمساعي المنكر

هل يعود العلم والمجد كما ... عادت الشورى لأصل المغرس (١)

إن شاعرا على هذا المبدإ لا يمكن أن يكون له من الشعر سوى ما نشره في بعض الجرائد المعاصرة. وقد عاش ابن قدور إلى أوائل الثلاثينات. والغريب أننا لا نجد شعره ضمن كتاب (شعراء الجزائر) الذي نشر في آخر العشرينات. فهل هو الذي اختار عدم الظهور فيه أو هناك خلفيات أخرى للموضوع؟.

وفي هذه الأثناء كان هناك شاعر آخر يتحرق أيضا على وضع أمته ووطنه، وهو محمد المولود الزريبي. فقد عاش نفس الظروف تقريبا، وكان في نفس السن مع ابن قدور وعمر راسم. وزاد عليهما أنه درس في الأزهر، وشهد آثار النهضة في المشرق، ولعله توقف بتونس فامتلأ أفكارا وآمالا،


(١) علي العريبي (أصداء جزائرية في جريدة الحاضرة) في مجلة (الحياة الثقافية) - تونس - عدد خاص ٣٢، ١٩٨٤، ص ٧٣ - ٧٤. وقد ذكر الكاتب أن الحاضرة نشرت أيضا قصيدة أخرى لابن قدور عنوانها (نفثات قلم الجزائري) في عدد ١٥ إبريل ١٩١١. ويبدو أنها على نفس الوتيرة. وتلاحظ أن في الأبيات الأخيرة بعض الغموض.

<<  <  ج: ص:  >  >>