للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنه حين رجع إلى بلاده وجد الاستعمار جاثما والشعب نائما والأفكار جامدة والبدع تغزو المجتمع، فثارت ثائرته ودعا إلى النهضة ونبذ البدع والخرافات ومقاومة الاستعمار والطرقية بأسلوب جديد، وهو التعليم وبناء المساجد الحرة. وقد تنقل الزريبي أثناء ذلك في المناطق النائية قبل أن يستقر في العاصمة. فهو ليس مثل ابن قدور وعمر راسم من أبناء المدية، ولكنه ابن ريف (من زريبة الوادي)، وقد عاش في ليانة وباتنة وبسكرة وأريس قبل أن يحل بالعاصمة. ولا نعرف أنه نشر شعره خارج الجزائر، كما فعل ابن قدور. والقطع التي عثرنا عليها له كانت منشورة في جريدة (كوكب أفريقية) التي كانت تصدر بالعاصمة، ثم ضمنها كتابه (بدور الأفهام) الذي طبعه بتونس. وقد قال ذات مرة إن له (قصائد كثيرة) في موضوع الدعوة إلى العلم والنهي عن البدع. وجاء في قصيدة (زفرات العشي) التي تبلغ السبعين بيتا:

كأني بزفرات العشي موكل ... وفي (الكوكب الإفريقي) أبدى دواها

إذا دهمتني النوائب برهة ... رفعت له (١) الشكوى فأمسى مساها

سيخضع أهل السوء من كل منكب ... فسيف يراعى كم أباد جباها

فأنت تراني تارة أزعج الملا ... وحينا كما الخنساء ترثي أخاها

أقول، وأهل الحي مني بمسمع ... وأغرق عيني في بحار بكاها

أعوذ برب العرش من فئة طغت ... وما برحت في غيها وعماها

وفي القصيدة ذكر الشاعر أنه غيور على الدين ومناهض للبدع، وأنه من طلبة الأزهر، ونوه بهذا الجامع وكذلك جامع الزيتونة. وافتخر بنفسه لأنه من العلماء الأعلام وبرحلاته شرقا وغربا، وتمنى أن يقتدي به قومه في العلم وشد الرحال له (٢).

ومن قصائد الزريبي الجيدة في هذا المجال تلك التي سماها (نظرات أو


(١) لعله يشير بـ (له) إلى الكوكب الإفريقي? الجريدة. وقد نقلنا البيت على ما فيه من خلل في الشطر الأول.
(٢) المولود الزريبي (بدور الأفهام) تونس، ص ٦٢ - ٦٥. والقصيدة نشرها سنة ١٣٣٢ في كوكب إفريقية دون ذكر العدد والتاريخ المضبوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>