للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اشتهر في تلمسان ونواحيها القاضي شعيب في آخر القرن وأول هذا القرن (ت. ١٩٢٨). وقصده بعض الأدباء والعلماء في طلب الإجازة، وتناوله آخرون بالمدح طلبا في تدخلاته لقضاء مصالحهم. وقد عثرنا على شعر وفير في ذلك، ومنهم من كان يقرض الشعر تجريبا، ومن كان حظه فيه قليلا. ولكن الغوثي بن أبي علي (بوعلي) يظهر أنه قد تمرس على الشعر. وها هي قصيدته في مدح الشيخ المذكور تشهد بذلك. وكان الغوثي من خريجي المدارس الرسمية، وتولى القضاء أيضا فترة ثم جلبه المستشرق ألفريد بيل إلى مدرسة تلمسان الرسمية، واستعان به مستشرقون آخرون على تحقيق بعض المخطوطات (١). فكان أديبا وشاعرا لو وجد من يأخذ بيده لكان له شأن عظيم.

ومهما كان الأمر فإن الغوثي بوعلي نظم قصيدته في مدح القاضي شعيب في سبتمبر ١٩١٢. ولا نعرف أنه نشرها. وقد افتخر فيها بنفسه وبانتمائه الحضاري وعلاقته بالقاضي المذكور - أصول أندلسية؟. ويدل شعره على معارف قوية. والقصيدة ذات بداية تقليدية إذ طالعها غزلي ثقيل. وقد اعترف لشيخه بالأستاذية ولا سيما في الشعر. وإليك بعض أبيات منها:

وناعمة الخدين زاهرة البشر ... ململمة الشديين عاطرة النشر

رضابها من شهد وخدها من ورد ... وعرفها من ند وثغرها من در

وخذها من النسل الكريم عقيلة ... تزف إلى مغناك باسمة الثغر

تسير بهمس الصوت للقصر عندكم ... وحاشا علاكم أن ترد بلا مهر

فإن حرم المرغوب عندك شاعر ... سلام على التسجيع والنثر والشعر

فلو كان هذا الشعر بالإرث يقتني ... لما خطت الأقلام حرفا على سطر

ولو كانت الأرزاق تأتي بقوة ... لما رزق العصفور شيئا مع النسر


(١) انظر فصل الترجمة. أما مدح القاضي شعيب لملك السويد والنروج والإشادة بمؤتمر المستشرقين، فانظر سابقا، وكذلك محمد أمين فكري باشا (إرشاد الألبا إلى محاسن أوروبا)، القاهرة ١٨٩٢، ص ٦٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>