إذا رأت مسلما قد زارها فرحت ... واستبشرت ثم باست موضع القدم
وقد ربط الشاعر أيضا بين المآذن والمحاريب وبين كراسي العلم والعلماء - هؤلاء الذين يمثلون الإنسان الأعلى الذي كتب عليه أن ينشر المعرفة ويحفظ الحضارة. كما ربط الشاعر بين صقلية القديمة وحلول الأمير بها، وهو من سلالة أولئك الكرام الذين زينوها بالعلم والدين والفنون.
وفي المرحلة الأخيرة من الشعر، منذ ١٩٢٦، تغنى بعض الشعراء أيضا بوصف المدن والمآثر. ونحن نجد في شعر محمد العيد وصفاء رائعا لمدن تلمسان وقسنطينة والعاصمة وآثار تمقاد، وكذلك وصف بسكرة وباتنة والقنطرة وغيرها.
أما شعر الغزل والشوق فلم يكثر منه الشعراء، أو على الأقل لم يصلنا منه إلا القليل. ذلك أن الشعراء إذا تقدمت بهم السن تخلصوا، في أغلب الظن، من شعر الشباب ولبسوا لباس التقوى. ورغم ذلك فنحن نجد نماذج من شعر الغزل في المرحلة المتقدمة ويمثله الأمير ومحمد بن الشاهد ومصطفى الكبابطي، وكلهم من رجال الدين أيضا. ورغم شاعرية الطيب بن المختار فلم يحتفظ له التاريخ بنماذج من غزله سوى بعض المطالع، ولم نتذكر ما إذا كان أبو حامد المشرفي قد نظم في الغزل. وكذلك لم نطلع لعاشور الخنقي والديسي على قصائد غزلية.
والغزل عند الكبابطي متكلف متصنع، وهو تقليدي مطبوع عند ابن الشاهد، ولكنه عند الأمير صادق ويأخذ طابع الشوق والوفاء والتذكر الدائم. يقول الكبابطي (وكان قاضيا ثم مفتيا) فيمن لقبه (سيدي)، وهو لفظ يستخرج من الحروف الأولى من مصارع الأبيات: