للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومهما كان الأمر فقد اشتكى الشاعر من شيوع الفساد والربا واستنجد بالسلطان العثماني عبد العزيز (١) ليأتي من الشام (الشرق؟) وينقذ الرقاب المغلولة بالربا، وينصر جند الإسلام. وقد اعتز الشاعر بالقرآن والدين، وأعلن أن الوطن قد ضاق به ولم يبق سوى الهروب منه - وكانت الهجرة شائعة نحو الشرق عندئذ -:

يا رب عجل به من يفك الرقاب ... يأتي من وطن الشام غيثنا بيه

يهدي (عبد العزز) يأمره للركاب ... يعطيه جنود النصر ليه تحميه

في الدين حصلنا والكريم لينا كتاب ... رب نزل قضى أذل خلقيه

ما بقات إلا الهرب ... هذا الوطن انعاف

حتى يجي مولا النوب ... سلطان من الأشراف (٢)

وشاعت الشكوى من الزمان أو ذم الزمان وأهله في الأدب الشعبي عموما. ونحن نجد ذلك في مختلف المراحل من الاحتلال. وكان الاستنجاد بالله وبالرسول (صلى الله عليه وسلم) وبالأولياء وبالسلطان العثماني هي لازمة الشعر الشعبي. وكان البحث عن منقذ أو (فكاك الرقاب) كما عبر الشاعر السابق هو أعظم ما يقدمه الشاعر من أمل للناس الذين يستمعون إليه أو يروون شعره. وقد يصل اليأس إلى حد الهجرة من الوطن لأنه أصح (ينعاف) وهو أقصى ما يصل إليه الشاعر من الضيق. وقلما يدور اليأس الكامل بقلبه فيصل إلى الانتحار وما شابهه. وقد شاع في هذه الفترة أيضا التعبير (بقرن اربعطاش) دلالة على نهاية العالم وطي الدنيا: زمن أربعطاش، ذرية أربعطاش، وحكم أربعطاش ... والمعنى أن الشاعر يسلي الناس بأن بداية القرن الرابع عشر الهجري (أربعطاش) ستكون هي الخلاص مما هم فيه. ولكن العهد الجديد قد حل، ولم يتغير الحال، فذهب الشعراء ومن على شاكلتهم يقولون إن الخلاص لن


(١) حكم بين ١٨٥٤ - ١٨٧٦.
(٢) عبد الحميد زوزو (نصوص)، ص ١١٩. من كتاب F. Gourgeot (Les Sept Plairs (d'Algerie الجزائر، ١٨٩١، ص ١٦٨ - ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>