للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي قد ترجم شعر ميلود إلى الفرنسية. ومنه أخذ صوالح. وبناء على هذا فإن ميلود بن عبد الرحمن قد تغنى أيضا، بفرنسا وجيشها وهجا الأتراك وندد بعلاقتهم بألمانيا، وأخبر أن الأتراك يكرهون العرب منذ القديم. وهو الموضوع المحبب للدعاية الفرنسية عندئذ. وكان هذا القاضي يؤكد على أن فرنسا صديقة للمسلمين ولذلك مجدها ومجد أحبابها أيضا (١). ونحن لا ننتظر إلا أن يكون ذلك من بعض الجزائريين الذين أثرت عليهم الدعاية الفرنسية ضد (الأتراك)، لأن الدولة العثمانية قد شاركت في الحرب إلى جانب ألمانيا ومن ثمة ضد فرنسا. ويجب التذكير بأن الشعر الشعبي قد تناول أيضا الحياة الدينية والوعظ والإرشاد سواء بالعربية الدارجة أو البربرية.

...

ولقد واصل الشعر الشعبي دوره الاجتماعي والسياسي والديني. وبعد ظهور الحركة الوطنية كان لها شعراؤها أيضا. وكان للطرق الصوفية شعراؤها المعادون للإصلاح، وكان للإصلاح شعراؤه الفصحاء والشعبيون. واستمر بعضهم أيضا في وصف أعمال فرنسا وذم الزمان. فكثر بذلك ميدان القول والتنافس. ومن أشهر شعراء الملحون بين الحربين محمد عبابسة الأخضري ورحاب الطاهر. وقد ساعدت الأغاني والتسجيل على نشر هذا الشعر. وبعد الحرب الثانية واصل الشعراء تصوير حالة المجتمع في ضوء التطورات الجديدة (٢). وجاءت جريدة (الشعلة) لتنشر قصائد ملحونة ذات طابع نقدي


(١) محمد صوالح (جنودنا الأفارقة (كذا) والألمان) في (المجلة الإفرقية، ١٩١٩، ص ٤٩٤ - ٤٩٨. النص العربي، ص ٥٠٩ - ٥٢٠، والنص الفرنسي ص ٤٩٨ - ٥٠٨. أما ميلود بن عبد الرحمن وأخوه، فلا ندري حياتهما الآن. ولم يذكر صوالح سوى أن الأول كان قاضيا وأن الثاني كان معلما بثانوية وهران. ونحن نعرف أن مفتي وهران في أول هذا القرن هو علي بن عبد الرحمن، وقد طال عهده في الفتوى وكان من أتباع الطريقة التجانية. فهل القاضي والمدرس المذكوران من أسرته؟.
(٢) انظر مقالة محمد الحاج صادق الذي نشر قصيدة لشاعر شعبي شارك في الحرب =

<<  <  ج: ص:  >  >>