للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابقا. وهذا أحد الرواد قد أسس (فرقة المزهر البوني) سنة ١٩٢٨، أي في الوقت الذي كان فيه علالو ودحمون ورشيد القسنطيني يحاولون جهدهم في العاصمة. وكان مؤسس هذه الفرقة يدعى الجندي، وهو من خريجي المدارس الرسمية، وكان يعمل وكيلا قضائيا. تأسس (المزهر البوني) في عنابة، وشعت آثاره على الناحية الشرقية فدخل قسنطينة، وكذلك تبسة، وربما غيرهما من المدن المجاورة. ويقول مالك بن نبي إن (مرور هذه الفرقة في المدينة - تبسة - كان حدثا ثقافيا ... لكنه حدث سياسي كذلك (١). ويؤكد ابن نبي أن المسرح قد ساعد على إحياء اللغة العربية وبعث أمجاد الماضي. بل إن بعض الشباب أخذوا يفكرون في تأسيس فرقة مسرحية في تبسة أيضا على غرار المزهر البوني (٢).

وكنا قد تعرضنا باختصار إلى حياة رشيد القسنطيني في فصل آخر. واسمه الحقيقي هو رشيد بن الأخضر، وهو من مواليد العاصمة سنة ١٨٨٧. وقد تعلم في مدرسة محمد البليدي بالقصبة، ومال إلى التجارة فمارسها في الواقع بباب الواد ثم شارك في البحرية التجارية فحملته السفن إلى بلدان أخرى ابتداء من سنة ١٩١٤، أي أثناء الحرب الكبرى. وكانت جولاته هذه فرصة له تعرف منها على أخلاق الشعوب ولغاتها وتجاربها. وربما بقي في هذه الخدمة مدة الحرب. وكان رشيد محبا للموسيقى وحفلات الطرب، ومشاركا في نشاط الأوبرا بالعاصمة، وكان من الضاربين على القيتارة. وكان مع علالو وباش تارزي ودحمون وجلول باش جراح يمثلون كوكبة (الفن الأهلي) من تمثيل وموسيقى وغناء ابتداء من العشرينات. عاش رشيد حياة


(١) مالك بن نبي (مذكرات شاهد القرن) ط. ٢، دمشق، ١٩٨٤، ص ١٨٦.
(٢) عن نشاط المزهر البوني خلال الثلاثينات والمسرحيات التي مثلها انظر فصل المنشآت الثقافية. ذكر ابن نبي في مذكراته، ص ٢٤٨، أن مصالي الحاج كتب سنة ١٩٣٢ مسرحية في باريس وتركها بدون عنوان، وسلمها إلى ابن نبي فصاغها واختار لها عنوانا وهو (الحاكم الطيب) ويعني الحاكم الجائر. وقد مثلت المسرحية في باريس من قبل بعض الطلبة الجزائريين والتونسيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>