للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكي الفهم ذو نسب شريف ... لطه ينتمي خير الأنام

سخي عارف بالله حقا ... لأهل العلم يخضع ذو انسجام

أراد وصية مني ونصحا ... أنا أولى بمن يبري سقامي

وإذا استثنينا نصحه بتحكيم الشرع في شؤون الدولة فإن كل النصائح التي قدمها إليه لا تجعل من الباشا حاكما ناجحا ولكن متصوفا يقرأ الكتب الصوفية ويتدارس علم الفقه وملازما للعزلة والتقرب إلى الله. لذلك يمكننا القول بأن هذا الشعر إما أن صاحبه لا يدرك مهمته ولا مقام مخاطبه وإما أنه كان ينافقه ولا يحترم مهنته:

عليك أيا صديقي في مضيق ... بتقوى الله جل على الدوام

وحكم شرعه في كل شيء ... ولازم ذكره والدمع هام

وصمتا وانفرادا واتضاعا ... وتقليل المنام مع الطعام

بعلم الفقه تدرك كل رشد ... وتمييز الحلال من الحرام (١)

ومع ذلك فإن السياسة كانت لا تبقى ولا تذر إذا عصفت بغير المحظوظين من العلماء. فالباشا بكداش نفسه هو الذي انتقم من المفتي أحمد قدورة فأعدمه رغم علمه ومكانة أسرته. ولقد لقي هو أيضا نفس المصير. ولا ندري ماذا كانت علاقة البوني بالباشوات الذين جاؤوا بعد بكداش والذين كانوا كثيرا ما ينتقمون من أصدقاء الباشوات الراحلين. وعلى كل فقد توفي البوني وفاة طبيعية في بلاده سنة ١١٣٤ (٢).

ومن الأسر العلمية التي كانت لها علاقة بالعثمانيين أسرتا الفكون وابن باديس. وقد سبق الحديث عن مكانة الأسرة الأولى. ونحب أن نضيف إلى ذلك أن أسرة الفكون هي التي انتصرت للباشوات أيام ثورة ابن الصخري، وكذلك عند تمرد صالح باي وأثناء فتنة ابن الأحرش. وقد استحق رئيس


(١) نفس المصدر، ٢٩. والغالب أن يكون هذا الشعر قد قاله البوني قبل تولي بكداش الحكم.
(٢) سنترجم للبوني في الجزء الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>