للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عائلة الفكون وقت هذه الفتنة ثناء الباشا عندئذ، فراسله بهذه العبارات (إلى العالم الأشهر .. العارف بجميع الفنون. نستكثر خيرك من شأن وقوفك وصيانتك للبلاد، ونصحك وحمايتك للعباد .. ثم نلتمس منكم الدعاء الصالح، الجالب لنا ولكم كل المنافع والمصالح ..) (١) كما أرسل الباشا إلى علماء قسنطينة يطمئنهم ويأمرهم بالوقوف والالتفاف حول الشيخ الفكون.

أما أسرة ابن باديس فقد مرت بحياة متقلبة مع العثمانيين فيها السجن والتغريم، وفيها الوظائف السامية والتكريم. وأكثر ما كانت تتولاه من المناصب هو الإفتاء والقضاء والتدريس. وكانت علاقتها مع العثمانيين طيبة. وقد مرت بنا قصة أحمد بن باديس مع أحمد الغربي، وجاء في بعض الوثائق أن حوالي أربعين شخصا من هذه الأسرة قد تولوا وظائف سلطانية في العهد العثماني (٢).

ومن العلماء الذين شهدوا صعودا وهبوطا خلال هذا العهد المفتي عبد القادر الراشدي والمفتي محمد بن بوضياف. الأول من نواحي فرجيوة والثاني من نواحي أولاد خالد. وكثيرا ما التجأ الباشوات إلى العلماء في الأوقات الحرجة طالبين منهم الرأي وتجنيد العامة للوقوف مع الحكومة. وهي المناسبات التي كان فيها العلماء يشعرون بأن لهم دورا هاما يلعبونه لو كانوا يدركون كيف يستغلونه. ويظهر ذلك عند الغارات الإسبانية على السواحل وعند غارات الأجانب الآخرين على مدينة الجزائر، وعند الثورات الداخلية (٣). ولكن علاقة العلماء بالباشوات قد ساءت على الخصوص منذ


(١) أحمد الأنبيري (علاج السفينة في بحر قسنطينة)، مخطوط خاص، ٢٧٣، انظر أيضا دراستي عن هذا الكتاب في (أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر).
(٢) ذكر ذلك أحمد توفيق المدني (محمد عثمان باشا)، ٧٧ نقلا عن فايسات.
(٣) روى ابن المفتي أن شعبان خوجة باشا قد أرسل، عندما أحس بثورة الإنكشارية ضده، المفتي الحنفي حسين بن رجب شاوش والمفتي المالكي محمد بن سعيد قدورة والقاضي الحنفي محمد زيتون التونسي والقاضي المالكي محمد بن الحاج =

<<  <  ج: ص:  >  >>