للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الأجوبة مدونة ومحفوظة أو هي قد ضاعت (١). وقد توفي سنة ١١١٦ وترك تلاميذ من أبرز علماء المغرب في وقتهم مثل محمد بن عبد السلام البناني الذي تحدث عن شيخه في فهرسه (٢). وإدريس بن محمد المنجرة الذي ترجم له أيضا في فهرسه. وكان ابن الكماد متمكنا من علوم شتى كالمنطق والتوحيد والحديث والفقه وفروعه (٣).

ويعتبر سعيد المنداسي من أبرز الشعراء المهاجرين إلى المغرب لأسباب سياسية أيضا، وهو من الشعراء المهرة في الفصيح والملحون، وصاحب القصيدة الشهيرة (بالعقيقة). وقد قال في الترك شعرا يهجوهم فيه هجاء مقذعا. وسنعود إليه عند حديثنا عن الأدب. وقد قيل إن السلطان محمد بن الشريف العلوي قد منح المنداسي نحوا من خمسة وعشرين رطلا من خالص الذهب جائزة له على بعض أمداحه فيه (٤).

ولكن هجرة الجزائريين نحو المغرب لم تكن كلها لأسباب سياسية، فقد كان طلب العلم أهم مقصد لهم. غير أن بعض العلماء كانوا يجدون بعد ذلك الحياة في المغرب أفضل وأرحب منها في الجزائر فيختارون الإقامة، ثم أن عددا منهم كانت لهم جذور تاريخية من أسر وأنساب وتجارة وغير ذلك. وقد كان الجو العلمي في المغرب أفضل منه في الجزائر رغم تقلب الأحوال السياسية فيه، فقرب المغرب من الأندلس وكثرة مراكز التعليم والعواصم العلمية ووفرة المكتبات ووجود القرويين وتقدير ولاة المغرب لأهل العلم - كل ذلك لعب دورا في جلب علماء الجزائر إلى هناك. وسنعرف بعد قليل أن


(١) في الخزانة العامة بالرباط رقم ١٠١٦ مجموع، عدد من النوازل التي ذكرها أحد تلاميذه. وهي منسوبة له، ومحمد بن عبد الكريم الجزائري وأحمد المقري.
(٢) هذا الفهرس مذكور في رحلة ابن حمادوش. وقد اطلعنا عليه.
(٣) الأفراني (صفوة من انتشر) ٢١٨، و (سلوة الأنفاس) ٢/ ٣٠. وقد ترجم له أيضا القادري في (نشر المثاني) كما توجد أخبار عن عائلة الكماد في (منشور الهداية) للفكون و (ذيل بشار أهل الإيمان) لحسين خوجة.
(٤) (الاستقصاء) ٧/ ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>