للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التونسي قد تولى القضاء الحنفي في زمن شعبان خوجة باشا (١). ولا ندري ما إذا كان أحمد بن مصطفى برناز التونسي أيضا قد تولى الوظائف في الجزائر، غير أننا نعلم أنه قد تجول فيها والتقى بعلماء قسنطينة وزواوة والجزائر وعنابة. وجاء في رحلة ابن حمادوش بعض أسماء لعلماء تونسيين وردوا على الجزائر، وخصوصا محمد الشافعي الباجي (٢). وكان محمد الشافعي وأحمد الأصرم القيرواني يبثان العلم في الجزائر مدة طويلة، وقد شرح الأول قصيدة محمد باي في المديح النبوي (شرحا بديعا في جزئين من أمتع كتب الأدب) (٣)، أما الفكون فقد ذكر المراسلات التي دارت بينه وبين بعض علماء تونس مثل القاضي إبراهيم الغرياني ومحمد تاج العارفين.

ولعل مغامرات الشيخ فتح الله تعتبر نموذجا لورود علماء المسلمين على الجزائر في العهد العثماني. فقد عاش حياة متقلبة في المشرق وفي الجزائر تدل على أنه كان يبحث عن الجاه والمال أكثر مما كان يظهر علمه ليستفيد منه الناس. وقد وجد الأرض ممهدة له والاستعداد لاستقباله. فأصبح قاضيا ومفتيا وخطيبا، وكاد يدعي أشياء أخرى تصوفية. وقد ولد فتح الله (ولا يعرف حتى اسمه بالضبط) في سورية ونشأ بها ثم رحل بعائلته إلى مصر. وبعد برهة لم يجد فيها ما كان يصبو إليه فرحل إلى الجزائر وسجل أولا في دفتر الباشا حتى يكون له نصيب من عطاياه باعتباره من العلماء الفقراء والغرباء وباعتباره أيضا ينتمي إلى المذهب الحنفي. ولعله وجد الزحام على المناصب القليلة شديدا في مدينة الجزائر فتوجه إلى قسنطينة التي كانت بحق العاصمة الثانية، وتزوج بها وسعدت حاله وابتسم له الحظ ووجد


(١) ذكر ذلك ابن المفتي. انظر ديلفان (المجلة الآسيوية)، ١٩٢٢، ٢٠٦. وقد تولى شعبان خوجة ١١٠١.
(٢) كان من العلماء الشعراء وقد رافق محمد باي بن حسين. وجاء في (إتحاف أهل الزمان) لابن أبي الضياف أن هذا الباي قد رافقه عالمان هما الشافعي وأحمد الأصرم القيرواني (وكانت حرفتهما بالجزائر بث العلم وصناعة التوثيق). ٢/ ١٤٦.
(٣) نفس المصدر، ٢/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>