للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصادر نادرة حول تواريخ سكان المغرب العربي القدماء. ومنهم أيضان محمد الحاج رئيس الزاوية الدلائية. فقد جاء هو وأولاده إلى تلمسان حين قضى السلطان الرشيد بن الشريف على الزاوية وفرق جموعها وزعماءها. وقد قيل إن محمد الحاج قال لما دخل تلمسان (كنت وجدت في بعض كتب الحدثان أني أدخل تلمسان فظننت أني أدخلها دخول الملوك فدخلتها كما ترون) وقد توفي بها سنة ١٠٨٢ (١).

والتمغروطي لم يقم في الجزائر طويلا ولم يتول فيها الوظائف كما لم يأتها غاضبا سياسيا ولا مفاوضا دبلوماسيا وإنما جاءها مارا أثناء سفارته لإسطانبول، ومع ذلك لقي بعض علماء الجزائر ووصف أحوالها المادية والسياسية. ولعل من مهمته السرية تقديم تقرير عنها أيضا إلى سلطانه. وعلى أية حال فإذا حكمنا مما كتب التمغروطي عن الجزائر فإن تقريره عنها سيكون غير مشجع للسلطان على حربه (٢).

وبعض علماء المغرب قد توظفوا في الجزائر وأقاموا بها طويلا دون أن نعرف الآن سبب وجودهم بها. وكان بعضهم مثالا للدرس الكفء والاجتهاد والاستقامة، بينما كان آخرون مثالا لسوء الخلق والانتهازية والتملق. فالشيخ محمد التواتي الذي كان يلقب في المغرب بسيبويه لدرايته بعلم النحو قد رحل إلى الجزائر وهو عالم بالنحو والمنطق والبيان والأصول. وقرأ بزواوة وتولى التدريس في قسنطينة واشتهر أمره حتى قصده الطلاب من مختلف جهات القطر. وكان - حسب رواية الفكون - بعيدا عن الولاة يعيش من دروسه ومن حب تلاميذه له. ومن أشهر من تخرج عليه عبد الكريم الفكون صاحب (منشور الهداية)، فهو الذي حبب إليه النحو حتى أصبح بدوره أستاذا فيه. ويعتبر النحو والبيان والمنطق من العلوم العقلية التي قل طلابها لغلبة روح التصوف وعلوم النقل. ولعله هو الذي تتلمذ عليه أيضا عيسى الثعالبي


(١) الاستقصاء، ٧/ ٣٧.
(٢) انظر وصف التمغروطي للجزائر في الفصل الثاني. وكتاب مولاي بلحميسي (الجزائر في الرحلات المغربية).

<<  <  ج: ص:  >  >>