العلماء يعملون على نشر الإسلام بين المسيحيين الذين وقعوا في أسر البحارة الجزائريين، وقد نجحوا في بعض الأحيان، ذلك أن الأسرى كانوا يوزعون على العائلات الإسلامية انتظارا لفديتهم. ومن هؤلاء الأسرى من كانوا يدخلون في دين الله إما تعجيلا لتحريرهم وإما اقتناعا بمبادئ الإسلام وحسن معاملة المسلمين لهم، وإما طموحا إلى تولي السلطة ونيل المناصب والأجرة. وقد روى بعض هؤلاء الأسرى نماذج من حياتهم هناك ومن محاولة بعض العلماء لإدخالهم في دين الإسلام (١). والمعروف أيضا أن كثيرا من بحارة الجزائر، بل ومن الباشوات كانوا من الأعلاج المرتدين عن المسيحية. فكان دور العلماء إذن فعالا في هذه النواحي. كما نجد في المصادر أن بعض اليهود قد اختاروا الإسلام وأطلقوا على أنفسهم أسماء إسلامية.
ومع ذلك فإن العلماء كانوا شديدي الحساسية من النصارى واليهود، فالأولون لمنافستهم الدينية والحضارية، أما اليهود فلمنافستهم المادية وحتى السياسية. فكلما ذكر اسم نصراني أو يهودي أضاف إليه العالم المسلم عبارة (لعنه الله) أو (أخزاه الله) ونحو ذلك من عبارات الامتعاض والكراهية. وقد وجدت في إحدى الوثائق أن أحد اليهود قد اشترى عقارا من أحد المسلمين فسجل القاضي ذلك في محضر المحكمة وأضاف أمام اسم اليهودي عبارة (لعنه الله)، وحين أورد ابن سحنون خبر ثورة الفرنسيين وقتلهم للعائلة المالكة هناك دعا عليهم بالخزي وطلب من الله أن يجعل كيدهم في نحرهم. ولم يتفطن، وهو المؤرخ الأديب، أن تلك الثورة كانت لها أبعاد خطيرة لم ينج منها العالم الإسلامي ولا الجزائر. والذي يدرس ويقدر ما فعله اليهود في الاقتصاد الجزائري خلال هذا العهد وتحكمهم في مقاليد السياسة عن
(١) انظر مثلا القصة الخيالية التي رواها تيلر الأمريكي عن مفتي الجزائر. وكذلك قصة اعتناق جوزيف بيتز الإنكليزي الإسلام. وقصة شارل واكر الأمريكي (Walker) الذي اعتنق الإسلام في عنابة ليفر من الإنكليز. انظر نوا (رحلات) ١٤٥. ولذلك كثر في الجزائر (الأعلاج) أو المسلمون الجدد.