تقول ديباجة برنامج طرابلس في شيء من الادعاء والزهو الفكري إنه من الضروري خلق فكر سياسي واجتماعي تغذيه مبادى علمية لتحميه من ترهات الفكر، والغالب أن المقصود بهذه الترهات هو الخرافات المنسوبة عادة إلى الفكر الإسلامي في العصور الوسطى، وتلح الديباجة أيضا على أنه من الأهمية بمكان إحداث تصور جديد للثقافة الجزائرية وهو أن تكون وطنية وثورية وعلمية: فهي وطينة باعتبارها تمثل (مرحلة أولى في إعطاء اللغة العربية المعبرة الحقيقية عن القيم الثقافية لبلادنا كرامتها ونجاعتها كلغة حضارة،) فهذه اللغة هي التي ستعيد بناء التراث الوطني وتقييمه والتعريف بإنسانيته المزدوجة القديمة والحديثة لإدخالها في الحياة الفكرية وتربية الشعور الوطني، وهي التي ستحارب الهيمنة الثقافية والتأثير الغربي (الفرنسي) اللذين ساهما في تلقين الكثير من الجزائريين احتقار لغتهم وقيمهم الوطنية.
أما بصفتها ثورية فستعمل الثقافة على تحرير شعب يعمل على التخلص من مخلفات الإقطاع والخرافات والعادات الفكرية والتقليدية، إنها ليست ثقافة فئة تسد أبوابها عن التقدم وليست ترفا فكريا، بل هي ثقافة تساعد على تطوير الوعي الثوري في الجماهير.
وأما بصفتها ثقافة علمية فيجب أن يظهر في وسائلها وأبعادها، ومعنى العلمية هنا هو أنها (ثقافة عقلية ذات تجهيزات تقنية)، فهي تشجع على روح البحث المنهجي وتسير على هداه في جميع المستويات، بما في ذلك المستوى اللغوي، لأن (اللغة العربية، باعتبارها وسيلة ثقافية علمية وعصرية، قد تخلفت، ويجب ترقيتها حتى تقوم بدورها في المستقبل بأساليب علمية ومهذبة جدا)، وهذا الشرط لتأهيل اللغة العربية قد استمر استعماله إلى الوقت الحاضر، فكلما دعا الداعي إلى استعمال اللغة العربية واجهه أنصار هذا الرأي بهذا الشرط التعجيزي رغم أنهم يدركون أن من شروط ترقية اللغة علميا استعمالها في الميدان.