للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن جهة أخرى ألح البرنامج على نشر التعليم بين الجميع حتى تشيع روح العمل ويرتفع الإنتاج ... وخاطب الطليعة الثورية بأن عليها إعطاء المثل للشعب، ومن ثمة يجب التنديد بشدة بنزعة جحود المجهود الفكري وعدم تقدير الكفاءات، والتنديد كذلك بالدعوة إلى معاداة المثقفين التي تظهر من وقت إلى آخر.

وقد استدرك البرنامج، كما كان متوقعا، فحذر مما أسماه أخلاقيات البرجوازية الصغيرة ومن توظيف الإسلام لأغراض ديماغوجية، معترفا بالانتماء حقا للحضارة الإسلامية التي أثرت في تاريخ البشرية، لكننا سنسيء إلى هذه الحضارة في نظر واضعي البرنامج، إذا نحن اعتقدنا أن النهوض بها يخضع لصيغ ذاتية بسيطة في السلوك العام وفي ممارسة الشعائر الدينية، ويبدو أن أصحاب البرنامج لم يفرقوا في هذا الصدد بين الإسلام كعقيدة وممارسات ذاتية وبين الحضارة الإسلامية كإنتاج جماعي وإبداع فكري مشترك (١).

ومما يلاحظ أن البرنامج كرر أيضا عبارات الطليعة والطليعة الثورية، وأعطى لها حجما كبيرا في سياق العمل لبناء الجزائر الجديدة، فهي التي ستقود البلاد (عن طريق حزب طليعي) وتضع العقائد وتمهد الطريق أمام العامة، وهي التي ستعلم الفلاحين، وهي التي ستعطي المثل لرفع المستوى الثقافي للمواطن، وتطور الإسلام (كذا) وتخرجه من المفاهيم البالية، وتندد باستعمال الإسلام لأغراض ديماغوجية، موضحة أن الحضارة الإسلامية في الماضي كانت نتاج فكر وعمل، أي ثقافة واقتصاد، وكان في هذه الحضارة استعمال لمنهج البحث العلمي وانفتاح عقلي على الثقافات الأجنبية وعالمية العصر (وهو شعور مبكر بالعولمة)، وكان بينها وبين الحضارات الأخرى تبادل خصب.

وقد ندد البرنامج بالحنين إلى الماضي المرادف في نظر محرريه للعجز والبلبلة، والمقصود هنا في أغلب الظن هم دعاة التمسك بالتراث والمحافظة


(١) نصوص أساسية لجبهة التحرير الوطني، مرجع سابق، ص ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>