لمحمد الطاهر عزوي وغيرهما أخبار مفيدة في هذا الصدد، يقول ابن عتيق إن الفرنسيين نقلوهم من سجن البرواقية إلى سجن بودي ثم ثنية الحد، ثم توجهوا بهم عبر السرسو إلى سوقر، وواصلوا السير إلى آفلو حيث جمع معتقلها نخبة من جمعية العلماء وحزب الشعب وحزب البيان، وكانت إدارة السجن العسكرية تعامل الجميع بالشدة، فكانت تطلق سراح البعض ثم يقتلونهم في الطريق غدرا، كما جاءوا بجماعة من طلبة إحدى زوايا آفلو، ثم نقلوهم منها إلى معتقل آركول إحدى ضواحي وهران، ثم ذكر سجن بوسوي الذي كان يضم حوالي ألف شخص، وقد انضم إليهم معتقلو الشحمي وسان لو، وحين رفضوا تحية العلم الفرنسي عاقبوهم بشدة، وبعد بقاء ابن عتيق ثمانية وعشرين شهرا في معتقل بوسوي غادره متأسفا على فراق بعض زملائه مثل الشيخ عبد القادر الياجوري الذي ودعه (أي الياجوري) بأبيات:
غيض بحر العروض يا ابن عتيق ... ودموعي تسيل سيل العقيق
ليت شعري يفيض مثل دموعي ... فيعيننا على وداع الصديق
ولو أن الدموع تغرق ناري ... فأكون الغريق وسط الحريق
ضاع شعري، وضاع عمري وأنتم ... يا زميلي أدرى بكل رفيق
وسلام عليكم ما أقمتم ... أو ذهبتم سلام داع شفيق (١)
لقد قصدنا ذكر المعتقلات والسجون التي أوردها ابن عتيق في الناحية الغربية، (كما أن عزوي ذكر عددا منها في الناحية الشرقية)، لندرك أن الجزائر خلال الثورة كانت تضم أعدادا كبيرة من السجون، وأن هذه السجون كانت غاصة بالمعتقلين مما جعل السلطات تلجأ إلى إقامة المحتشدات، وكانت السجون مصنفة حسب الفئات التي تقاد إليها، وكانت بعض الأفكار والمناقشات تجري فيها، بالإضافة إلى التعلم لمختلف المعارف والعلوم، ومنها اللغة العربية والدين الإسلامي، فكل من كان يعرف مهنة أو يتقن علما أو لغة كان يتبادله مع