شعبه)، وهو يؤمن بالتطور الذي يطرأ على الشعب ليخرج من عبودية الاستعمار إلى الحرية، وهو يعبر عن حياة الغالبية العظمى من الجزائريين، وهم الفلاحون.
لماذا تميز محمد ديب عن زملائه في نظر هذا الكاتب؟ إن نشأته الفقيرة (والواقع أن ديب لم يكن كذلك تماما كما نعرف من سيرته) قد ساعدته على تشكيل تفكيره في المستقبل، فهو أصيل شعبه، وهو يؤمن بأن الشعب (يكافح من أجل حقه في الحياة، ففي الجزء الأول من روايته وهي (البيت الكبير) يصور أسرة أرهقها الجوع، فهناك أرملة معدمة وعليها أن تدبر معاش أولادها لإنقاذهم من الموت، وفي الجزء الثاني (الحريق) يكبر عمر (وهو شخصية ممتدة في أعمال ديب) ويذهب للعمل مع الفلاحين، وهنا تبرز أيضا مشكلة الجوع. لكن الفرنسيين يحرقون أكواخ الفلاحين ويطردون عمر فيرجع إلى أمه التي عليها أن تدبر الخبز لإطعام أبنائها الثلاثة.
لكن الرواية تروي قصة الطفولة الشهيدة في الجزائر، أي مصير الأطفال العرب، وهو الحرمان منذ نعومة أظفارهم، لقد هرب عمر من جحيم البيت لأنه يأكل ما هو لأمه وأختيه، وعمره أحد عشر عاما، وعندما هرب وجد أطفالا مثله يمتلى بهم الشارع وهم يهيمون على وجوههم، يلعبون ثم يكونون مستعدين للهروب أمام الشرطة المدنية ... وكانوا يمارسون التسول والنظر في النساء الأوروبيات وأطفالهن المرفهين، ويقارنون بين وقعهم وبين هؤلاء الأطفال، ثم كانوا ينطفئون على إدمان الخمر والسجون، لكن التفاؤل لا يفارق محمد ديب، فقد قال أحد الفلاحين لجاره: إننا نشهد عصرا جديدا ... لكن إلى أين؟ فقال له الفلاح الآخر: خيرا يا جارنا محمد، صدقني، لن يكون إلا خيرا، فإن روح شعبنا قد تزلزلت (١).
وكتب الناقد المصري رجاء النقاش مقالة عنوانها (صاحب البيت الكبير) تحدث فيها عن محمد ديب ودوره في الحركة الأدبية رغم أن سنه عندئذ لا