وعلى نفس النسق كتب الأديب والصحفي كامل زهيري أيضا مقالة عن (البيت الكبير: قصة جزائرية للكاتب محمد ديب) مع صورة مرسومة لصاحب القصة، ورسومات أخرى معبرة عن روح صاحب القصة بريشة الفنان حسن فؤاد، وقد حلل زهيري ثلاثية ديبب بأجزائها فقال إن (البيت الكبير) تبدأ قبل الحرب العالمية الثانية وتنتهي بإعلان الحرب، وتصور (الحريق) أيام الحرب، أما النول (المنسج) فتصور الجزائر ما بعد الحرب، أما بطل الثلاثة فهو عمر الذي يظهر في الجزء الأول صبيا يافعا، وفي الجزء الثاني بالغا من الرشد، وفي الجزء الثالث شابا قويا، ويعتبر البيت الكبير باكورة محمد ديب الذي بلغ عند تأليفه الثلاثين من عمره، وقد تفرغ للأدب، بعد أن مارس مهنا كثيرة، فقد عمل صحفيا، وعامل نسيج، ومحاسبا، ومدرسا ابتدائيا، وتعتبر كتاباته بسيطة إلى حد السذاجة (؟) ولكنها (تخفي دهاء وذكاء وفطنة وفهما عميقا للجزائر والجزائريين)(١).
أما الكاتب الأمريكي جورج جوايو فقد عبر عن رأيه في إنتاج محمد ديب في دراسة قام بها لأدبه وأدب زملائه الجزائريين الذين يكتبون أدبهم باللغة الفرنسية، فقد ألف ديب ثلاثيته وقصصه القصيرة (في المقهى) عندما قام جوايو بدراسته، قال جوايو إن الثلاثية تذكر المرء برواية (أمريكا) لدوس باسوس، فهي لوحة للجزائر عشية الحرب العالمية الثانية، من خلال الأرملة (عيني) وابنها عمر، وهو (أي عمر) يمثل النموذج (البطل؟) والوحدة في الثلاثية بمغامراته .. وتهدف القصة كاملة إلى ميلاد ضمير جزائري متلهف للاعتراف به مع الإصرار عليه، ظهرت البيت الكبير سنة ١٩٥٢، وفيها وصف لحالة الفقر المدني في المدينة للعمال الذين لم يقدروا على العيش المحترم أخلاقيا وماديا، فالثلاثية في الواقع ترجمة شخصية (أوتوغرافيا): تشتمل على مغامرات عمرها هو عمر
(١) كامل زهيري، مجلة صباح الخير، ٢٧ فبراير ١٩٥٨، و ٦ مارس ١٩٥٨، وما بعدها ومما يذكر أن البيت الكبير نشرت مسلسلة في المجلة المذكورة.