العاصمة وفرع في قسنطينة، وكان على رأس مكتبة النهضة السيد ميموني، وعلى رأس المكتبة الجزائرية السيد شريفي، ولا ننسى هنا مكتبة رودوسي التي استمرت في نشاطها والتي تخصصت، كما ذكرنا في التاريخ الثقافي، في طبع المصاحف وبعض كتب التراث، وكانت هذه المكتبات تساهم في توريد ونشر وبيع الكتب، كما كانت تساهم في ترقية الحياة الثقافية عموما.
في يناير ١٩٥٥ كتب السيد عبد المجيد الشافعي كلمة غمز فيها من قناة أصحاب المكتبات فاتهمهم بأنهم لا يرحبون إلا بكتب الشرق ويهملون كتب الجزائريين، وقال إنهم لا يشجعون نشر كتب أمثاله من الشباب، ويرى الشافعي أن جلب الكتب من المشرق جناية على الثقافة العربية في الجزائر، فأخذه صاحب مكتبة النهضة على لسان زملائه، على (غروره) وصحح له قوله إنهم يستوردون الكتب من (الخارج) لأن الاستيراد من البلاد العربية ليس خارجا، وتساءل كيف يمكن مواكبة الثقافة، العالمية بكتاب مثل (خواطر مجموعة) للشافعي، وإن الوطن العربي واحد، وإن رأي الشافعي يعبر عن وجهة نظر محلية ضيقة، وقال إن أي دار للنشر لا تنشر أي شى بل لا بد لها أن تختار، وإن عليه أن يفرق بين مهمة المكتبة ومهمة دار النشر.
لقد جعل الشافعي عنوان كلمته (مناهضة المكتبة الجزائرية لحركتنا الإنتاجية) قائلا إن الأديب تنهك قواه المطبعة وإذا أخذ كتابه إلى دار النشر تثبطه، وبذلك يزهد في التأليف والإنتاج وتصبح المكتبة مساهمة في محاربة الكتاب، واستعدى الشافعي القراء على أصحاب المكتبات لأنهم يجلبون الكتب التافهة من الخارج ويهملون الإنتاج الوطني، فالقراء هم الذين شجعوا بذلك صاحب المكتبة على دفن التراث، وليس صاحب المكتبة سوى تاجر قبل كل شيء وليس له غيرة على الكتاب والثقافة (١).
كانت الصحف إلى وقت اختفاء معظمها سنة ١٩٥٦ تنشر الإعلانات عن
(١) البصائر ٣٠٢، ٢١ يناير ١٩٥٥ وكذلك ٣٠٤، فبراير ١٩٥٥.