للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجا البيت، انتصب لتدريس النحو على المكودي، وكان لا يتوانى عن إصلاح ذات البين في أهله بزواوة وفي إطعام الطعام للفقراء، بل كان يمشي (مع القوافل والسفار المجتازين ببلادهم لكي يأمنوا عن مكر أهل ذلك الوطن) (١). وقد اتخذ الشيخ الموهوب أيضا الحجاب والخلوة.

ولا شك أن ذلك هو الدور الأساسي للمرابطين الصالحين، ولا سيما في الأرياف والبوادي حيث انعدمت السلطة أو كادت. فمرافقة القوافل ومراقبة الأمن العام ووعظ الناس وإرشادهم إلى أمور دينهم والإحسان إلى الفقراء ونشر التعليم ومبادئ الدين وإصلاح ذات البين، كل ذلك كان من مهمات المرابطين. وقد روى الورتلاني كثيرا من ذلك. بل لقد قام هو شخصيا في عدة مناسبات بإصلاح ذات البين ورد الناس في ناحيته وغيرها إلى طريق الدين. وقد لاحظ مرة أنه ذهب إلى بلاد القبائل لذلك الغرض، لأن القتال كان لا يكاد يتوقف بين المسلمين هناك وأن حكم السلطان غير نافذ فيهم لتحصنهم بالجبال حتى أن عددا من القرى قد أصابها الخراب من الفتن. وقال في مناسبة أخرى ان أقليم البابور خال من يد السلطان وأحكامه (فالوطن سائب) ولاحظ أيضا أن من عادات أهل ناحيته القبيحة قطعهم الميراث عن النساء وعملهم بإرث الأخ لأخيه، إذا مات، في ماله وزوجه (٢). وكان الورتلاتي وأمثاله من أهل الزوايا يتدخلون لإصلاح هذه الحالة ويعلمون الناس شؤون دينهم وينشرون الأخوة الإسلامية بينهم. وقد جاء في كتاب (كعبة الطائفين) أخبار أخرى عن دور هؤلاء أمثال محمد بن علي العبدلي، ومحمد عاشور وعبد القادر السماحي، وبلقاسم بن صابر (٣).


(١) الفكون (منشور الهداية)، مخطوط.
(٢) الورتلاني (الرحلة)، ٨، ١٣، ٢٨, ١١٢.
(٣) محمد بن سليمان (كعبة الطائفين)، ٢/ ٩٦ وهنا وهناك. وقد قال عن الشيخ عاشور أنه كان يعتق الرقاب ويفدي الأسرى من ماله ويغزو ويجاهد. (وقتل جماعة من الكفار)، وكان يقري الأضياف ويطعم المساكين ويحبس الأحباس على المساجد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>