ألفاظا معينة من الأذكار وخطوط الرمل وكتابة الأحجبة ونحو ذلك من أساليب الشعوذة وممارسة السحر. وكانت المرائي أيضا من ميزات المرابطين. ذلك أن معظمهم كان يدعي رؤية الأنبياء والرسل والححابة والملائكة، كما كانت الاستخارة هي وسيلة الرؤية الصوفية.
ولا شك أنه ليس كل المرابطين كانوا على هذه الشاكلة، فبعضهم كانوا متصوفين حقيقيين، كما لاحظنا، لا هم لهم في عقائد الناس فيهم ولا في مالهم ولا في اكتساب الجاه والوظيف من السلطان، وإنما كانوا متفرغين إلى العلم والعبادة بقلب صاف وعين باصرة. وبعضهم لم يتخذ أثناء حياته زاوية ولم يعلن شيخوخة ولا طريقة وإنما أتباعه هم الذين بالغوا في ذلك ونسبوا إليه ما لم يقل أو يفعل وشيدوا له القبة أو الزاوية واعتقدوا فيه المعتقدات غير الصحيحة التي كان لا يقرها لو كان حيا. ولا شك أن بعضهم قد اتخذ تلك الأساليب وسائل كما لاحظ الفكون، للوصول إلى أغراض دنيوية معينة زالت بزوال أصحابها ولم يبق من شهرتهم وأفعالهم سوى بعض القباب أو المساجد أو الأساطير والذكريات لدى الناس. فكثير من عبارات (سيدي فلان) التي نجدها اليوم لا تاريخ لأصحابها، وعلى الباحثين أن يفتشوا عنها في ذواكر العامة لعلهم يجدون لها أصولا تاريخية (١).
ولعل من الأمور التي كان الفقهاء ينكرونها على المتصوفة والمرابطين استعمالهم الآلات الموسيقية وأكل الحشيشة وتناولهم المنبهات كوسيلة من وسائل الانتشاء. والظاهر أن الحاجة إلى الموسيقى عند أهل التصوف نبعت من استعمال الأذكار وتنغيم الأوراد في جماعة عند الحضرة وحلقات الذكر، وكما كانت الأصوات الموسيقية والغناء مساعدة للعمال على عملهم الشاق،
(١) لم يهتم الجزائريون المعاصرون إلى الآن بجمع أخبار المرابطين وعقائد الناس فيهم في القرون السابقة. وقد اهتم بعض الفرنسيين في الجزائر بجمع الأساطير والأخبار حول بعضهم استنادا إلى الروايات الشعبية الشفوية، ولا يكاد يوجد مرابط شهير في وقته إلا وكتبوا عليه في مجلاتهم وكتبهم كثيرا أو قليلا. وسنعالج ذلك حين نتحدث عن التصوف في الأجزاء اللاحقة.