للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقباني سنة ٨٥٤. فالرجلان إذن من عائلتين كبيرتين في تلمسان اشتهر كل منهما بالعلم والرسوخ فيه. ولما كان تيار العصر يندفع نحو التصوف، كما أشرنا، فإن سلفية ابن مرزوق وجدت نفسها في أقلية بينما انتصر عدد من علماء العصر البارزين أمثال محمد بن يوسف السنوسي إلى رأي قاسم العقباني. وكان للسنوسي أتباع كثيرون أيضا. وقد أثر هو بدوره على الاتجاه الانعزالي الصوفي لعلماء العصر. ويكفي أن نعرف أن من بين انصاره شيخه عبد الرحمن الثعالبي والحسن أبركان ومعاصره محمد بن عبد الله التنسي (١).

٦ - وقصة محمد بن عبد الكريم المغيلي مع يهود توات من القصص التي كثر الحديث حولها بين الكتاب ولا سيما في هذه الأيام. فقد علمت أن هناك من علماء الإنكليز والأمريكان والفرنسيين وغيرهم من كتبوا حولها رسائل وأبحاثا وحاولوا من خلالها أن يصلوا الحاضر بالماضي على أساس أن العرب والمسلمين قد اضطهدوا اليهود عبر العصور وأبرزوا دور اليهود في الحياة السياسية للمسلمين (٢). ونحن هنا لا نريد أن نسرد هذه القصة لأنها أصبحت معروفة (٣) ولأن الذي يهمنا منها هو موقف العلماء المعاصرين لها منها. فقد وجد اليهود صولتهم حينما أحسوا بضعف الدولة السياسي داخليا وخارجيا فتواطؤوا مع بعض الأمراء على مدهم بالمال والدعاية لهم بل وتوليتهم (٤)، بينما الأمراء يسمحون أو يتغاضون عن بناء اليهود بيعا لهم وفتح المتاجر وتأسيس الشركات والاستيلاء على الطرق التجارية. ولما رأى


(١) انظر المهدي البوعبدلي (أهم الأحداث الفكرية في تلمسان) (الأصالة) ٢٦، ١٩٧٥، ١٢٦.
(٢) آخر بحث عن هذا الموضوع سمعته من أحد القساوسة الفرنسيين وهو بول كامبوزا، وقد قدمه في المؤتمر الأول لتاريخ المغرب العربي وحضارته (تونس، ديسمبر: ١٩٧٤. وبعد ذلك بأسابيع سمعت أن كامبوزا قد توفي في حادثة سيارة.
(٣) انظر خلاصتها في (مصباح الأرواح) لمحمد بن عبد الكريم المغيلي، تحقيق رابح بونار، الجزائر ١٩٦٨.
(٤) انظر ما وصل إليه نفوذ اليهود في المغرب في القرن التاسع في رحلة عبد الباسط بن خليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>