للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين من الأندلس وسقوط غرناطة وعرف ما كانت عليه حالة المشرق الإسلامي تحت المماليك فضج وراح ينشد (الأمير الصالح) في السودان -كما بحث الأفغاني عن (الخليفة الصالح) في مصر واسطانبول وفارس. وقد اتصل هناك بالأمراء وخبر طبائعهم فوجد أن فطرهم أسلم من فطر أمراء المغرب العربي وأن استعدادهم لتقبل نصائحه أقوى من استعداد أمراء بلاده , فألف رسالة في (الإمارة وشروطها). وكان يهدف من ذلك إلى طرح أفكاره حول الحكم الصالح وواجبات الأمير المسلم الحقيقي. فقال إن (الإمارة خلافة من الله ونيابة عن رسول الله. فما أعظم فضلها وأثقل حملها. إن عدل الأمير ذبحته التقوى فقطع أوداج الهوى وإن جار ذبحه الهوى فقطع أوداج التقوى) فمسؤولية الحاكم عند المغيلي مسؤولية خطيرة وليست، كما كان يتوهم أمراء بلاده، ميلا إلى الهوى وتهاونا بالواجبات الشرعية وانحرافا عن تعاليم الدين والصلاح.

وقد قسم المغيلي رسالته عن الإمارة إلى ثمانية أبواب وجعل الباب الأول منها فيما يجب على الأمير من حسن النية لأن الإمارة في الحقيقة لا تصلح لكل الناس. (فعرلى كل عاقل أن يبتعد عنها إلا إذا لم يكن بد منها) فهي في نظره (بلوى بين الهوى والتقوى) وهو بلا شك يلمح إلى حالة الإمارة في عصره حين كانت وراثية لا ينظر فيها إلى الكفاءة وحسن النية والشعور بأهميتها. فقد كان يتولاها الصغير الذي لم يبلغ الحلم، والمغامر، الذي ينشد الغلبة والغنيمة، والفاجر الذي لا هم له إلا إشباع شهواته والتحكم في الرعية. وقد تناول في الباب الثاني ما يجب على الأمير من حسن الهيئة لأن (على كل أمير أن يتردى برداء الهيبة في الحضرة والغيبة) وتحدث في الباب الثالث عن واجبات الأمير في ترتيب مملكته لأن (الإمارة سياسة في ثوب رياسة) ويتابع المغيلي رسالته فيذكر ما يجب على الأمير من الحذر في الحضر والسفر (الباب الرابع) ومن الكشف عن الأمور (الباب الخامس) ومن العدل في الأحكام (الباب السادس) ومن توفير المال من طريق الحلال (الباب السابع) وأخيرا وجوه صرف هذا المال الذي يسميه (مال

<<  <  ج: ص:  >  >>